الحجة الخامسة : أجسام العالم بحسب القسمة العقلية على أربعة أقسام : لأنها إما أن تكون موصوفة بالحكمة والحياة الشريفة [الباقية وتكون خالية عن الشهوة والغضب والموت. وإما أن تكون موصوفة بالشهوة والغضب وتكون خالية عن الحكمة والحياة الشريفة (١)] وإما أن تكون موصوفة بالأمرين معا. وإما أن تكون خالية عن الأمرين معا.
أما القسم الثاني : وهو الجسم الموصوف بالشهوة ، الخالي عن الحكمة. فهو موجود. وهو البهائم والسباع والطيور [والحشرات (٢)].
وأما القسم الثالث : وهو الموصوف بالأمرين معا. فهو أيضا موجود. وهو الإنسان.
وأما القسم الرابع : وهو الخالي عن الأمرين معا. فهو أيضا موجود. وهو النبات والمعادن والجمادات.
فبقي القسم الأول : وهو الجسم الموصوف بالحياة الشريفة ، والحكمة التامة ، والمعرفة المشرفة. فليس هاهنا جسم يمكن وصفه بهذه الصفات إلا الأجرام (٣) العالية الفلكية. فلو لم تكن موصوفة بهذه الصفات ، لصار هذا القسم من أقسام الأجسام مفقودا. ولا شك أن هذا القسم أشرف الأقسام ، وأعلاها درجة ، وأعظمها مرتبة. فلو لم يوجد هذا القسم ، لخلت أقسام مخلوقات الله تعالى عن أشرف الأقسام وأجلها. ولوقع الاقتصار على تخليق الأجسام الخسيسة ، والامتناع عن تخليق القسم الأشرف الأعلى ، لكان ذلك يوجب فساد النظم في تدبير هذا العالم. والإله الحكيم المقدس. متعالي عن ذلك. فوجب القطع بدخول هذا القسم في الوجود وذلك لا يحصل إلا مع القول بأن الأفلاك والكواكب أحياء عاقلة.
الحجة السادسة : إنا قد بينا في كتاب «القدم والحدوث» في صفات
__________________
(١) من (طا ، ل).
(٢) سقط (طا) ، (ل).
(٣) أجرام الأفلاك (ل).