القدر المشترك بين الجزئيات لا يفيد القصد إلى واحد من تلك الجزئيات. وإذا كان كذلك ، امتنع وقوع شيء منها.
أما قولنا : «الماهية [الكلية : ماهية (١)] مشترك فيها بين الجزئيات» فالأمر فيه ظاهر ، لأن الحركة مثلا ماهية مشترك فيها بين الحركة من هذه النقطة ، إلى تلك. وبين سائر الحركات. وأما أن القصد إلى القدر المشترك فيه لا يكون قصدا إلى شيء من تلك الجزئيات : فلأن ما به المشاركة مغاير لما به الممايزة ، وغير مستلزم له. فالقصد إلى ما به المشاركة ، لا يكون قصدا إلى ما به الممايزة. وإذا كان كذلك ، فلو وقع جزء واحد من جزئيات ذلك الكلي ، لكان ذلك وقوعا من غير المرجح والمخصص. وهو محال. فثبت : أن الحركة الجزئية [المعينة (٢)] إذا كانت إرادية ، فإن المؤثر في وقوعها : إرادية جزئية معينة.
والثاني : إن الإرادة الكلية باقية. وبقاء العلة يوجب بقاء المعلول ، فلو كان المقتضي لهذه الحركة المعينة إرادة باقية ، لزم من بقاء تلك الإرادة ، بقاء الجزء المعين من الحركة. وبقاء الجزء المعين من الحركة : محال. إذ لو بقي ذلك الجزء ، لانقطعت الحركة وصارت سكونا. ولا يمكن أن يقال : المؤثر في حصول ذلك الجزء المعين من الحركة ، هو تلك الإرادة الباقية ، لكن بشرط زوال الجزء السابق (٣) من الحركة. لأن على هذا التقدير ، يلزم جعل عدم الحادث السابق ، جزءا من علة وجود الحادث اللاحق. وذلك محال. ولما بطل هذا ، ثبت : أن العلة لحصول هذه الحركات المتعاقبة : إرادات جزئية متعاقبة. وهو المطلوب.
والمقدمة الثانية : إن صاحب الإرادات الجزئية ، لا بد وأن يكون صاحب التصورات الجزئية ، والإرادات (٤) الجزئية. وهذا حق. لأن القصد إلى تكوين
__________________
(١) سقط (ل).
(٢) سقط (ل).
(٣) السابق لأنه يلزم أن يكون العدم جزءا من علة ... الخ (م).
(٤) والإدراكات (م).