الأعضاء بسبب استيلاء الأخلاط الغليظة عليها ، وخرجت عن قبول تلك الآثار (١) فارق الروح والبدن ، وانفصل إلى عالم الأرواح. ثم قال أصحاب هذا القول : «هذا القول أولى من غيره ، لأنه لما لم يكن هذا الجسم من جنس الأجسام التي تولدت الأعضاء منها ، لا جرم صح القول بأنه لا يلزم من وقوع الذوبان والتحلل في البدن ، وقوع الذوبان والتحلل في هذا الجسم الشريف ، بل يكون باقيا بحالة واحدة من أول العمر إلى آخره. وأيضا : فلما كان جسما ، صح عليه المجيء والذهاب والرجوع. وآيات القرآن ناطقة بهذه الأحوال (٢) قال الله تعالى : (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ) (٣) وقال : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ، ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ) (٤)
والقول السابع : إن الإنسان عبارة عن أجزاء أصلية باقية من أول العمر إلى آخره ، مصونة عن التبدل والتغير ، والفرق بين هذا القول وبين ما قبله :
أن في القول الذي قبله (٥) كان الجسم الذي هو عبارة عن النفس جسما مخالفا بالماهية للجسم الذي تولّد عنه البدن ، وفي هذا القول ليس كذلك.
والقول الثامن : إن الإنسان عبارة عن الأعضاء الرئيسية التي لا يمكن بقاء الحياة مع فقدانها.
فهذا كله تفصيل قول من يقول : إن الإنسان عبارة عن جسم مشابك لهذا البدن.
وأما القسم الثاني من الأقسام المذكورة في أول هذا التقسيم. وهو أن يقال : إن الإنسان عبارة عن [عرض حال في الجسم ، فهذا لا يقول به عاقل ، لأن كل إنسان يجد من نفسه علما ضروريا ، بأنه جوهر قائم بنفسه ،
__________________
(١) الأخلاط (م)
(٢) بذلك (م)
(٣) الأنعام ٦٢
(٤) الفجر ٢٧ ـ ٢٨
(٥) الأول (م)