للعقلاء. فهذا يقدح في كون الفلك طالبا لها. وكل ذلك (١) يبطل قولهم.
الحجة الخامسة : إن الفلك إن كان معتوها مجنونا لا يعرف الحقائق ، فلا عبرة بحركته ولا بفعله ، فلعله تخيل تخيلات فاسدة ، لأجلها بقي مواظبا على الحركة. وإن كان عاقلا فنقول : إنه يعلم : أنه لا يمكنه استخراج شيء من باب الأيون والأوضاع ، من القوة إلى الفعل : إلا الواحد فقط. ولا يمكنه [أن يجمع بين اثنين منها (٢)] وإلا لزم حصول الجسم الواحد في مكانين. ونعلم أيضا : أن جميع تلك الأيون والأوضاع متماثلة في تمام الماهية ، ومتساوية في كلية الحقيقة. وإذا كان الأمر كذلك ، لم يكن في إبدال بعضها بالبعض فائدة البتة. وإذا عرفت هذا ، وجب أن يكتفي بالأين الواحد والوضع الواحد ، وإن يريح نفسه من المواظبة على هذه الأعمال الفاسدة. وذلك يوجب بقاء الفلك عن السكون ، وإعراضه عن الحركة بالكلية.
الحجة السادسة : لو كان المقصود من الحركة استخراج الأيون والأوضاع من القوة إلى الفعل ، فلأي سبب بقي مواظبا على استخراج الأيون والأوضاع الحاصلة في هذا المدار أبدا ، وبقي معرضا عن الأيون والأوضاع الحاصلة في سائر المدارات التي لا نهاية لها؟ إنه إذا حصل للمقصود الواحد طرق كثيرة ، وكان كل واحد منها مساويا للآخر في تمام الإفضاء إلى المطلوب ، كان البقاء على الواحد منها أبدا ، والإعراض عن البواقي : ممتنعا محالا. فلو كان [المقصود (٣)] ما ذكرتم ، لكان البقاء على هذه الحالة : محالا. وحيث حصل هذا البقاء ، ثبت أن ما ذكرتموه باطل.
الحجة السابعة : إنه إما أن يكون مقصود الفلك : طلب كلها ، أو طلب واحد منها بعينه ، أو طلب الواحد منها بغير عينه. والأول باطل. وإلا لكان ذلك طلبا للمحال ، وطلب المحال لا يوجد ، أو إن وجد لكنه لا يدوم.
__________________
(١) وذلك يبطل قولكم (ل).
(٢) الزيادة منها (م).
(٣) من (ل).