القسم الثاني وهو أن يكون المقصود من تلك الحركة استفادة الكمالات النفسانية. إذا عرفت هذا ، فنقول : نفس الفلك موجود ، ممكن لذاته. والكمالات [النفسانية (١)] الحاصلة فيها أيضا : موجودات ممكنة الوجود لذواتها. فلا بد لجوهر النفس الفلكية ، والكمالات القائمة بها من مؤثر ، وذلك المؤثر إما الأعراض وإما الأجسام ، وإما جوهر مجرد يفعل [بآلة جسمانية ، وإما جوهر مجرد يفعل (٢)] من غير آلة جسمانية. والأقسام الثلاثة الأول باطلة بالدليل (٣) الذي ذكرناه في النفوس البشرية. بل هاهنا أولى. لأنه لما ثبت أن المؤثر في النفوس البشرية على حقارتها وضعفها ، يجب أن يكون جوهرا عقليا مجردا. فهذا القول في النفوس الفلكية العالية المقدسة : أولى. ثم إذا قلنا : إن الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد ، فحينئذ يمتنع أن يكون المؤثر في وجودها هو الله سبحانه وتعالى. وحينئذ يثبت : أن هذه النفوس الفلكية معلولات في ذواتها ، وفي جميع الكمالات القائمة بها ، بجواهر (٤) مجردة في ذواتها وفي أفعالها عن عوائق الأجسام. ولما كانت جميع الكمالات الحاصلة للنفس الفلكية ، إنما حصلت من فيض ذلك الجوهر العقلي المجرد ، والنفس عالمة بأنه لا يمكنه اكتساب تلك الكمالات من ذلك الجوهر العقلي المجرد إلا بواسطة هذه الحركات ، كانت هذه الحركات شوقية لا محالة ، وكانت أيضا تشبيهية على [معنى (٥)] أن هذه النفس تحاول التشبه بذلك العقل في تمكين (٦) العلوم الحقيقية ، والمعارف القدسية. كما أن التلميذ الذي يعتقد في أستاذه كونه كاملا ، مكملا وأنه لا يمكنه اكتساب الكمالات إلا بالذهاب إليه ، وإلا بالاستفادة منه. فإنه يكون ذهاب ذلك التلميذ إلى ذلك الأستاذ : حركة شوقية. ورغبته في تحصيل تلك العلوم تشبيهية.
__________________
(١) سقط (ط ، ل).
(٢) سقط (ل).
(٣) بالدلائل (م).
(٤) فعلها جواهر (م).
(٥) من (ل).
(٦) تكثير (ل).