الحجة الثالثة : إن الإله تعالى واحد فرد. فيكون معلوله واحدا فقط. وذلك المعلول ، إما أن يكون عرضا أو جسما ، أو هيولى ، أو صورة ، أو نفسا ، أو عقلا. والكل باطل إلا العقل. فوجب أن يكون المعلول الأول عقلا محضا. وقد سبق ذكر هذه الطريقة مع ما فيها من السؤالات الكثيرة.
الحجة الرابعة : قد دللنا على أن النفوس الناطقة : موجودات مجردة. ودللنا على أن المؤثر فيها يجب أن يكون جوهرا عقليا مجردا. فهذا الطريق أيضا يدل على وجود العقول.
الحجة الخامسة : إن العلوم الحادثة في جواهر النفوس الناطقة ، لأن لها من علل. وتلك العلل لا يجوز أن تكون من باب الأعراض والأجسام والجواهر المجردة ، التي تتوقف أفعالها على استعمال الآلات الجسمانية. فوجب أن يكون المؤثر فيها جوهرا مجردا عن الجسمية ، وعن لواحق الجسمية ، في ذاتها وفي صفاتها ، وفي كيفية تأثيراتها. وهو المطلوب.
الحجة السادسة : ذكروا في باب الهيولى والصورة : أن الأجسام مركبة من الهيولى والصورة. وبينوا أن الصورة يمتنع خلوها عن الهيولى. وأن الهيولى يمتنع خلوها عن الصورة. فوجب الحكم بكونهما متلازمتين. ثم بينوا : أنه لما كان الأمر كذلك ، وجب الحكم بكون الهيولى ، وبكون الصورة ممكنين في ذاتيهما. وكل ممكن فلا بد له من مؤثر ، وذلك المؤثر يمتنع أن يكون جسما ، أو ما يكون قائما بالجسم. لأن البحث إنما وقع عن علة مقومات الأجسام. وعلة مقوم الشيء سابق على ذلك الشيء بمراتب. والسابق على الشيء بمراتب يكون مغايرا له. فعلة هيولى الأجسام وصورها موجود مجرد في ذاته وفي تأثيراته عن الأجسام. وذلك يمتنع أن يكون هو الله سبحانه وتعالى ، وما ذاك إلا العقول المجردة.
الحجة السابعة : هذه الأجسام الفلكية ممكنة الوجود. فلا بد لها من علل. ويمتنع أن يكون الحاوي علة للمحوى. وذلك لأن وجود المحوى وعدم