وَنُقَدِّسُ لَكَ) (١) وقال تعالى في آيتين أخريين : (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ. وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) (٢).
وثانيهما : إنهم لا يفعلون إلا بأمره. قال تعالى في حكاية عنهم : (وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ. لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا) (٣) وقال : (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) (٤).
والرابع : إنه وصف قدرتهم وكيف يشتبه ذلك ، وهم المدبرون لأجرام السموات على عظمتها؟ قال تعالى : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) (٥) ثم إن العرش أعظم من الكرسي ، بحيث لا نسبة له إليه ، ثم إن الكرسي مع صغره محيط بجميع السموات ، كما قال تعالى : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) (٦).
والخامس : وصف خوفهم فإنهم مع كثرة عبادتهم وشدة بعدهم عن الزلات يكونون [خائفين (٧)] وجلين. قال تعالى : (يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ) (٨) وقال : (وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) (٩) وقال : (حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ ، قالُوا : ما ذا قالَ رَبُّكُمْ؟ قالُوا : الْحَقَّ : وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (١٠).
وأقول : (١١) يحتمل أن يكون المراد من فزعهم الشديد : عرفانهم بكونهم موصوفين بإمكان الوجود والعدم. والإمكان إذا اعتبر من حيث [هو هو (١٢)] كان عدما. والمراد بقوله : (قالُوا : ما ذا قالَ رَبُّكُمْ؟ قالُوا : الْحَقَ) : فيض نور وجوده ، وإيجاده عليهم ، فيصيرون عند ذلك واجبي الوجود بغيرهم ، فيحصل الأمن عن الهلاك والعدم (١٣).
__________________
(١) البقرة ٣٠.
(٢) الصافات ١٦٥ ـ ١٦٦.
(٣) مريم ٦٤.
(٤) الأنبياء ٢٧.
(٥) الحاقة ١٧.
(٦) البقرة ٢٥٥ والآية مكررة (م).
(٧) سقط (طا).
(٨) النحل ٥٠.
(٩) الأنبياء ٣٨.
(١٠) سبأ ٢٣.
(١١) وأقول (طا ، ل) قال المصنف يحتمل (م).
(١٢) هو ممكن (م).
(١٣) تغلب على المؤلف النزعة الفلسفية في التفسير.