وبيان أن السبق يوجب مزيد الفضيلة : وجهان :
الأول : قوله (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ. أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (١).
والثاني : [قوله صلىاللهعليهوسلم : «من سن سنة حسنة. فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة» فهذا (٢)] يقتضي أن يكون كلما حصل للأنبياء من الثواب والفضيلة ، فمثله حاصل للملائكة مع زيادة الفضائل التي فازوا بها في الأزمنة السالفة.
الحجة الرابعة : إن الملائكة رسل الله تعالى إلى الأنبياء. والرسل أفضل من الأمة. فالملائكة أفضل من الأنبياء. أما الأول ، فلقوله تعالى : (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) (٣) وقوله : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ) (٤) وأما إن الرسول أفضل من الأمة ، فلأن الأنبياء والرسل ، إنما وصلوا إلى كل الخيرات بإرشادهم. وإنما فازوا بكل الدرجات بتعليمهم [وتوفيقهم (٥)] وفضل الأنبياء والرسل على الأمة ، ما كان إلا لهذا المعنى. فإذا كان هذا المعنى حاصلا هناك ، وجب كون الملائكة أفضل من الأنبياء.
فإن قالوا : إن السلطان قد يرسل واحدا من العبيد إلى الوزير ، لأجل أن يعلمه بمهم من المهمات. وذلك لا يوجب كون العبد أفضل من ذلك الوزير. فنقول : إنك ستعلم عند الدلائل [العقلية (٦)] أن من تخيل هذا المعنى في حق نزول الملائكة على الأنبياء ، فهو محروم جدا من معرفة الملائكة ومعرفة الأنبياء.
الحجة الخامسة : الملائكة أتقى من البشر ، فوجب أن يكونوا أفضل من البشر.
__________________
(١) الواقعة ١٠ ـ ١١.
(٢) من (طا ، ل).
(٣) النجم ٥.
(٤) الشعراء ١٩٣ ـ ١٩٤.
(٥) سقط (ل).
(٦) سقط (ل).