ذكرني عبدي في ملأ ، ذكرته في ملأ خير من ملأه» وهذا يدل على أن الملائكة أشرف وأعلى.
الحجة العشرون : الملك أعلم من البشر ، والأعلم أفضل.
بيان أنه أعلم : وجهان :
الأول : إن محمدا عليهالسلام إنما تعلم من جبريل عليهالسلام. لقوله تعالى : (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) (١) والمعلم أكثر علما من المتعلم.
الثاني : إن العلوم الدينية قسمان :
علم الأصول ، وعلم الفروع :
أما علم الأصول : فيمتنع التقصير فيه بالنسبة إلى جبريل ومحمد عليهماالسلام لأن ذلك التقصير يوجب الجهل بالله ، وهو في حقهما : محال. وأما العلم بكيفية مخلوقات الله تعالى ، وحصول ما فيها من العجائب والغرائب ، فهذا العلم لجبريل عليهالسلام ـ أكمل. لأنه شاهد العرش والكرسي واللوح والقلم والجنة والنار ، وأطباق السموات وأجرام الكواكب ، وشاهد طبقات (٢) العناصر وأحوال البحار والجبال والمفاوز ومراتب المعادن والنبات والحيوان. وذلك لأن مسكنه في السموات ، فهو قد شاهدها. ولأنه أيضا : مطاع في عالم السموات ، والملائكة لا موكلون على هذه المواضع يطيعونه ، فيكون عالما بأحوال هذه الأشياء. لا محالة.
فثبت : أن علمه بهذه الأشياء لا نسبة له إلى علم البشر.
وأما علم الفروع : فهذا العلم لا يحصل إلا بالوحي. وبالضرورة : إن هذا العلم لم يحصل لمحمد ، ولا لأحد من الأنبياء ، إلا بطريق الاستفادة من جبريل. وأيضا : فإن محمدا كان عالما بشريعة نفسه. وما كان [عالما بسائر
__________________
(١) من (طا ، ل).
(٢) أطباق (م).