والخامس : إن المشابهة بين الجواهر الملكية المقدسة ، وبين واجب الوجود في الصفات السلبية ، الدالة على الاستغناء : أكثر ، فوجب أن تكون أفضل وأكمل.
ومن جملتها : أنها لا تحتاج إلى الأغذية ، ولا إلى الملابس والمناكح.
وبالجملة : فالحاجات هناك قليلة ، بل لا لحاجة هناك إلا إلى الله. وهاهنا جهات الحاجات ، كأنها غير متناهية. فثبت : أنه لا مناسبة البتة بينها وبين البشر في الذوات (١).
والمطلوب الثاني في بيان أن علوم الملائكة أفضل من علوم البشر : ويدل عليه وجوه :
الأول : إن علومهم فعلية. وعلوم البشر انفعالية.
والثاني : أنها هي العلل الفياضة لعلوم البشر ، والعلة أكمل من المعلول.
والثالث : أن علومها مبرأة عن السهو والنسيان والغلط ، وعلوم البشر مخلوطة بذلك.
والرابع : أن علومها عقول مستفادة حاضرة [دائما ، وعلوم البشر ليست كذلك ، بل الغالب في أكثر الأحوال أنها لا تكون (٢)] حاضرة ، بل هي متدافعة متمانعة. وعند توجه الذهن إلى بعض العلوم تكون البواقي زائلة ذاهبة.
والخامس : إنه يحدث في كل يوم عالم من النفوس ، وستصير كلها مساوية للنفوس الحاضرة في العلوم والمعارف. وأما تلك الأرواح المقدسة الفلكية ، فليست كذلك.
__________________
(١) العبارة مصححة من (م ، ل).
(٢) بل هي نفس العقول ، وعلم البشر غير (م).