جانب إلى جانب [فلما رأينا هياكل العالم العلوي ، مستولية على هياكل هذا العالم السفلي فكذا أرواح العالم العلوي يجب أن تكون مستولية على أرواح هذا العالم السفلي. لا سيما(١)] وقد دلت المعالم الفلسفية : على أن أرواح هذا العالم : معلولات أرواح العالم الأعلى. وكمالات هذه الأرواح معلولات لكمالات تلك الأرواح. ونسبة هذه الأرواح إلى تلك الأرواح ، كالشعلة الصغيرة بالنسبة إلى قرص الشمس ، وكالقطرة الحقيرة بالنسبة إلى البحر الأعظم. فههنا القطرات والآثار ، وهناك المنابع والبحار. فكيف يليق بالعقل إثبات مناسبة بين البابين؟.
والخامس : إنا بينا : أن الروحانيات الفلكية : مبادي لروحانيات هذا العالم. ومعلولها. والمبدأ أشرف من ذي المبدأ. لأن كل كمال يحصل لذي مبدأ ، فهو إنما يحصل للمبدإ الأول. ثم يفيض القدر القليل منه على ذي المبدأ. وأيضا : سعادات هذه النفوس البشرية بعد الموت بأن تتصل بها [وتستعد بذرة من ذرات أنوارها (٢)] فثبت : أن كل كمال لهذه الأرواح البشرية في أولها وآخرها ، ومبدئها ومعادها ، متوقف على فيضان ذرة من ذرات الكمال عليها من ذلك العالم.
والسادس : إن الأنبياء والرسل عليهمالسلام اتفقت كلمتهم على أنهم لا ينطقون بشيء من المعارف والعلوم إلا بعد الوحي قال الله تعالى [(عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) (٣) وقال (٤)] في صفة القرآن : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) (٥) فهذا اعتراف من الأنبياء عليهمالسلام بأن علومهم مستفادة من الملائكة. وأيضا : اتفقوا على أن الملائكة هم الذين يعينونهم على الأعداء. كما في قلع بلاد لوط. وهم الذين يرشدونهم إلى مصالحهم ، كما نجد في عمل السفينة ،
__________________
(١) سقط (م).
(٢) وتسر بأنوارها (م).
(٣) النجم ٥.
(٤) سقط (م ، ط).
(٥) التكوير ١٩.