إما بإيجاد الفاعل المختار ، وإما لأجل حدوث شكل غريب في الفلك ، اقتضى حدوث هذا المعنى.
فنقول : موضع الإلزام : إنا مع القطع بأن هذا الجسد [هو الجسد (١)] الذي رأيناه أولا لم يبق الشك في أن هذا الإنسان هو الإنسان الأول.
ومعلوم : أن السؤال المذكور ، لا يتوجه على هذا الكلام.
الحجة الرابعة : إن نفسي جوهر ، موصوف بأنه علم وتفكر وتذكر وأبصر وسمع وذاق وشم واشتهى وغضب وتحرك وسكن. ثم إن الموصوف بهذه الصفات ليس إلا هذه البنية (٢) أو ما يكون داخلا فيها فوجب أن تكون نفسي عبارة عن هذا البدن أو ما يكون داخلا فيه. ولا بد في تقرير هذه الحجة من تقرير أمرين :
الأول : إن نفسي عبارة عن الجوهر الموصوف بهذه الصفات. والدليل عليه : أني لا أشك أني إذا رأيت المبصرات ، فأنا أبصرتها. وإذا سمعت الحروف والأصوات ، فأنا سمعتها. لأن التاء في قولي أبصرتها وسمعت وفهمت وعرفت : ضمير النفس. ولا فرق بين قولك : أبصرت وسمعت ، وبين قولك : أنا موصوف بإبصار كذا ، وسماع كذا. ولما كانت بديهة العقل حاكمة بأني [أبصرت وسمعت ، كانت تلك البديهة حاكمة بأني أنا (٣)] الموصوف بهذه الصفات.
وأما الثاني : فهو في بيان أن الموصوف بهذه الصفات هو هذه البنية. فالدليل عليه : أني كما أعلم بالضرورة أن ذوق الطعام (٤) غير حاصل في أخمص الرجل ، وفي الساق.
__________________
(١) من (م).
(٢) إلا هذا البدن ، وهذه البنية ... إلخ (م).
(٣) المقدمة الأولى (م ، ط).
(٤) الأطعمة (م ، ط).