[كما أن الباري سبحانه وتعالى ـ موجود (١)] لا داخل العالم ، ولا خارجا عنه ، ولا متصلا بالعالم ، ولا منفصلا عنه ، لكنت أعلم بالضرورة : أني موجود وموصوف بهذه الصفة. ومعلوم أن ذلك باطل. لأن كثيرا من العقلاء زعموا : أن إثبات هذا الموجود [بهذه الصفة (٢)] : محال في العقول ، حتى قالوا : إن إله العالم يجب أن يكون متحيزا ، ومختصا بالحيز والجهة.
وأما العقلاء الذين سلموا ثبوت هذا المعنى في حق الله تعالى ، فلم يخطر ببال أحد منهم : أنه في نفسه موصوف بهذه الصفة. فثبت : أن نفس الإنسان ، لو كان موصوفا بهذه الصفة ، لكان العلم بكونه كذلك ، علما ضروريا ، وثبت : أن التالي باطل ، فكان المقدم (٣) باطلا.
ولمجيب أن يجيب عنه ، فيقول : هذه القيود سلبية ، والعلم بالماهية ، مغاير للعلم بقيودها السلبية ، وغير موجب له.
الحجة السابعة : هذا الجسد محل للإدراكات الجزئية والكلية ، ومحل للقدرة على [الإدراكات (٤)] والتحريكات الإرادية. ومتى كان الأمر كذلك ، وجب أن يكون هذا الجسد وما فيه هو الإنسان. فهذه الحجة مبنية على مقدمات.
المقدمة الأولى : وهي [إن هذا الجزء محل للإدراكات. فالدليل عليه (٥)] أن هذا أن هذا الجسد. إما أن يقال : حصل فيه قوة شعور وإدراك ، أو لم يحصل فيه البتة قوة الشعور والإدراك.
والقسم الثاني : باطل. لأن كل جسم يكون خاليا عن قوة الشعور والإدراك ، يكون جمادا محضا ، فإنا لا نعقل بين الجماد وبين الحيوان : فرقا.
__________________
(١) سقط (طا ، ل).
(٢) سقط (ط) ، (ل).
(٣) فالمقدم باطل (م).
(٤) من (م).
(٥) سقط (طا ، ل).