ممكنا لذاته ، فإنه يكون منزها عن التأليف والتركيب ، فيكون فردا محضا.
الثاني : إن النقطة يمتنع كونها منقسمة. وقد ذكرنا في المسألة المشتملة على إثبات الجوهر الفرد : وجوها كثيرة في تقرير هذا المطلوب. ومن جملتها : أن النقطة نهاية للخط ، فلو كانت النقطة منقسمة ، لم يكن كل واحد من نصفها نهاية للخط. وهذا يلزمه أن كل ما كان نهاية للخط ، يمتنع أن يكون منقسما.
الثالث : إن الوحدة أبعد الأشياء عن طبائع الكثرة. فالوحدة إن كانت موجودة فهو المطلوب ، وإن لم تكن موجودة كانت الكثرة موجودة [لكن الكثرة عبارة عن مجموع الوحدات فمتى كانت الكثرة موجودة كانت الوحدة موجودة (١)] فثبت : أنه لا بد من الاعتراف بوجود الوحدة على كل حال.
الرابع : لا شك أن في الوجود ماهيات موجودة ، فهذه الماهيات إما أن تكون بسيطة أو مركبة. فإن كانت بسيطة مفردة فهو المطلوب وإن كانت مركبة وكل مركب فإنما يتركب عن البسائط. فعلى جميع التقديرات لا بد من الاعتراف بوجود ماهية بسيطة مفردة عن جميع جهات التركيب.
فثبت بهذه الوجوه الأربعة : أنه قد حصل في الوجود موجودات لا تقبل القسمة.
وأما المقدمة الثانية : فهي في بيان أنه إذا كان المعلوم غير منقسم ، كان العلم المتعلق به غير قابل للقسمة. فنقول : الدليل عليه : هو أن ذلك العلم ، لو انقسم ، لكان كل واحد من جزئياته ، إما أن يكون علما بذلك المعلوم أو يكون علما بجزء ذلك المعلوم ، أو لا يكون علما بذلك المعلوم ولا بشيء من أجزائه ، والأقسام الثلاثة باطلة ، فبطل القول بكون ذلك العلم قابلا للقسمة.
أما أنه يمتنع أن يكون جزء ذلك العلم : علما بذلك المعلوم. فبيانه من وجهين (٢) :
__________________
(١) سقط (م)
(٢) وجوه [الأصل]