لأن تلك الصورة إذا حلت في القوة [العاقلة (١)] الحالة في تلك الآلة ، فحينئذ يلزم كون تلك الصورة حالة في تلك الآلة ، فيلزم : اجتماع صورتين متماثلتين في تلك المادة ، والجمع بين المثلين : محال ، ولما بطل هذا القسم الأول ، وهو أن يقال : إن القوة العاقلة ، لو أدركت [آلتها (٢)] لكان إدراكها لتلك الآلة عبارة (٣) عن نفس حضور تلك الآلة عند القوة العاقلة. وهذا القدر من الحضور ، إن كان كافيا في حصول الإدراك وجب حصول الإدراك دائما. وإن لم يكن كافيا ، امتنع حصول الإدراك في شيء من الأوقات. لأنه لو حصل في بعض الأوقات ، لكان ذلك بسبب أمر زائد على مجرد حضور صورة الآلة ، وذلك الزائد يجب أن يكون عبارة عن حصول صورة مساوية لها في القوة الناطقة ، بناء على القاعدة المشهورة من أن إدراك الشيء عبارة عن حضور صورة مساوية للمعقول في العاقل. وقد بينا أن ذلك محال.
فثبت بهذا البيان : أن القوة [العاقلة (٤)] لو كانت حالة في جسم ، كقلب أو دماغ، لوجب أن تكون مدركة لذلك الجسم دائما ، أو تكون ممتنعة الإدراك دائما (٥).
أما بيان أن هذا التالي محال : فلأنا نعلم بالضرورة : أنا في بعض الأوقات نستحضر صورة القلب والدماغ في عقولنا ، وفي بعض الأوقات نكون غافلين عن هذا الاستحضار. فثبت بما ذكرنا : صحة الشرطية ، وثبت : فساد التالي ، فيلزم فساد المقدم.
والاعتراض : إنا قد ذكرنا الدلائل الكثيرة على أن حصول صورة مساوية في تمام الماهية للمعقول في جوهر العاقل محال ، فلا نعيد تلك الدلائل. ثم لئن سلمنا ذلك ، لكن حصول تلك الصورة ، يكون شرطا لحصول الإدراك
__________________
(١) سقط (ط).
(٢) سقط (ل).
(٣) عن حصول (م ، ط).
(٤) سقط (ل).
(٥) لها دائما (ط).