والإدراك ، فحينئذ تصير القوة العاقلة مدركة لتلك الآلة ، وقد لا توجد تلك الآلة الإضافية ، فتصير غافلة عن تلك الآلة ، وإذا كان هذا الاحتمال الظاهر القوي الحق قائما ، فقد سقطت هذه الشبهة بالكلية. والعجب من الشيخ كيف جوز عقله أن يسمى مثل هذا الكلام الركيك بالبرهان العظيم.
السؤال الثاني : أن يقال : أتدعون أنا إذا عقلنا شيئا ، فإن الصورة الحاضرة في العقل مساوية لذلك المعقول من جميع الوجوه والاعتبارات ، أو لا توجبون حصول هذه المساواة من كل الوجوه؟
والأول لا يقوله عاقل. وتقريره من وجوه :
الأول : إنا إذا عقلنا الله تعالى وجب أن تكون الصورة الحاصلة في عقولنا : موجودا واجب الوجود لذاته ، وذلك لا يقوله عاقل.
الثاني : إنا إذا عقلنا السماء والأرض ، فهذه الصورة العقلية : كيفية قائمة بالنفس جزئية. وهذه الكيفية لا تحس ولا تلمس ، والعلم الضروري حاصل بأنها لا تساوي هذا الفلك في جميع أجزاء الماهية والصفات.
الثالث : إنه لو كان الأمر كذلك ، فإذا عقلنا النار ، وجب أن تحصل النار في عقولنا. وإذا عقلنا الثلج ، وجب أن يحصل الثلج في عقولنا ، فتكون النار العقلية ، والثلج العقلي ، مساويا للنار والثلج الموجودين في الخارج ، وذلك لا يقوله عاقل. وأما إذا سلمتم : أن الصورة العقلية ، لا يجب أن تكون مساوية لذات المعقول من جميع الوجوه ، فحينئذ لا يلزم من حدوث صورة أخرى في القلب ، أو الدماغ في القوة العاقلة : اجتماع المثلين.
السؤال الثالث : هب أنه يلزم اجتماع المثلين. فلم قلتم : إن ذلك محال؟ وبيانه : أن القوة العاقلة حالة في جوهر القلب أو الدماغ ، وهذه الصورة الحادثة : حالة في القوة العاقلة ، فإحدى الصورتين حالة محل القوة العاقلة ، والثانية حالة فيها. فلم لا يكفي هذا القدر من التفاوت في حصول المغايرة؟