الجديد الى انتشار مذهب الاشاعرة ، كما كان له تأثير فى اختفاء وانكماش مذهب الماتريدية ، بالرغم من أن أسلوب ومنهج الماتريدية فى دراسة علم الكلام يختلف عن منهج وأسلوب الرازى. ويتضح هذا التأثير أكثر بعد وفاة أكبر متكلمى الماتريدية وهو أبو المعين النسفى (٥٠٨ ه / ١١١٤ م) اذ لا نرى أحدا يتبع منهجه من بعده. ومن ثم أهمل كتابه «تبصرة الأدلة» لقد كان منهج النسفى يختلف اختلافا كبيرا عن منهج أرسطو التقليدى حيث انه شبيه بمنهج «السمنتكس (*)» اليوم. بعد ذلك استولت المدرسة الأشعرية التى تقبلت الفلسفة المشائية على الفلسفة الأخرى ، وأصبحت ممثلا لها فى العالم الاسلامى بعد فخر الدين الرازى.
واذا كان قد أهمل ذلك حتى الآن فانه ينبغى أن يهتم به مستقبلا ؛ ولهذا فاننا نفكر ان نقوم بعمل علمى آخر حول كتاب تبصرة الأدلة لأبى المعين النسفى.
ان تلك المحاولة الفلسفية الكلامية أدت الى نشأة مذهب كلامى ذى اتجاه واحد فى البحث والدراسة ، ولم تتح فرصة لنمو الأفكار الفلسفية الحرة.
ولكى نبرز دور فخر الدين الرازى فى علم الكلام بوجه عام ، نرى من المناسب أن نبين رأينا فى الغزالى أولا ؛ لأن الامام الغزالى هو الآخر قد لعب دورا كبيرا فى التفكير الاسلامى قبل ذلك ومهد الطريق للرازى ويمكن تلخيص ذلك فى النقاط التالية :
١ ـ لقد ألمّ الغزالى بجميع العلوم الإسلامية. وفى كل علم من تلك العلوم كان له الدور الموجه وخاصة فى أربعة علوم رئيسية. وبذلك تميز عمن سبقوه لقد
__________________
فحسب بل اقتبس منسبه العبارات والتعاريف والتعابير والاصطلاحات. ومع ذلك فانه لم يشر لا من قريب ولا من بعيد الرازي ولكن الشارح شمس الدين بن محمود ابن عبد الرحمن الاصفهاني المتوفى سنة ٧٤٩ ه ، ١٣٤٨ م قد ذكر لفظ «الامام» مشيرا الى الرازي. وبذلك مهد الامام الرازي طريقا ومنهجا جديدا في علم الكلام لمن اتى بعده امثل عذد الدين عبد الرحمن بن احمد الايجي القاضي المتوفى سنة ٧٥٢ ه ، ١٣٥٥ م حيث كان قد بني مؤلفه المشهور المواقف في علم الكلام اعتمادا على المحصل لفخر الدين الرازي وكما استفاد ايضا من المتكلمين الذين سبقوه.
(*) semantpigs علم معنى الالفاظ ومرادفها semasiology علم مدلول الالفاظ وارتباط الفكر باللغة وتطور دلالات الالفاظ.