سنة ثمان وثلاثين وستمائة
[تسليم قلعة الشقيف للفرنج]
فيها سلّم الملك الصّالح أبو الخيش إسماعيل قلعة الشّقيف إلى الفرنج ، فتملّكها صاحب صيدا ، فأنكر على الصّالح الشيخان : عزّ الدّين بن عبد السّلام ، وأبو عمرو ابن الحاجب ، فعزل عزّ الدّين عن الخطابة ، وحبسهما بالقلعة. وولي الخطابة وتدريس الغزاليّة الخطيب العماد داود بن عمر المقدسيّ خطيب بيت الآبار. ثمّ أطلقهما بعد مدّة ، وأمرهما بلزوم بيتهما (١).
[كتاب ملك التتار إلى صاحب ميّافارقين]
وفيها قال أبو المظفّر ابن الجوزيّ (٢) : قدم رسول ملك التّتار ومعه كتاب إلى صاحب ميّافارقين شهاب الدّين غازي ابن العادل ، وإلى الملوك ، عنوان الكتاب : من نائب ربّ السماء ، ماسح وجه الأرض ، ملك الشّرق والغرب ، ويأمرهم ـ أعني ملوك الإسلام ـ بالدّخول في طاعة القاآن الأعظم. وقال لشهاب الدّين : قد جعلك سلحداره ، وأمرك أن تخرّب أسوار بلادك. فقال : أنا من جملة الملوك الّذين أرسل إليهم ، فمهما فعلوا فعلت.
ثمّ قال أبو المظفّر : وكان هذا الرسول شيخا لطيفا ، مسلما ، أصبهانيّا ، حكى لشهاب الدّين عجائب منها ، قال : بالقرب من بلاد قاقان ، قريبا من يأجوج ومأجوج على البحر المحيط ، أقوام ليس لهم رءوس ، وأعينهم (٣) في مناكبهم ،
__________________
(١) انظر خبر الشقيف في : مرآة الزمان ج ٨ ق ٢ / ٧٣٢ ، ٧٣٣ ، وذيل الروضتين ١٧٠ ، والمختصر في أخبار البشر ٣ / ١٦٩ ، والمختار من تاريخ ابن الجزري ١٧٦ ، ودول الإسلام ٢ / ١٤٣ ، ١٤٤ ، والسلوك ج ١ ق ٢ / ٣٠٣.
(٢) في : مرآة الزمان ج ٨ ق ٢ / ٧٣٣ ، ٧٣٤.
(٣) في المختار من تاريخ ابن الجزري ١٧٨ «أعنتهم».