حاضرا ، فلا قدرة فيه على الفعل. لأن ذلك يوجب الجمع بين النقيضين. والثاني أيضا باطل. لأن عند حضور الزمان الأول ، يمتنع حضور الزمان الثاني [وإيقاع الفعل في الزمان الثاني موقوف على حضور الزمان الثاني (١)] والموقوف على المحال محال والمحال لا قدرة عليه وإنما قلنا : إنه يمتنع حصول القدرة على الفعل بعد حصول الفعل. لأن ذلك معلوم بالبديهة ، فيثبت : أن القدرة على الفعل ـ بمعنى حصول المكنة من الفعل والترك ـ : ممتنعة الوجود قبل الفعل ومعه وبعده فكان القول بثبوت هذه القدرة : محالا.
الحجة الخامسة : إن المكنة التامة المتساوية ، بالنسبة إلى طرفي الفعل والترك. إذا حصلت ، فإن لم تحصل معها الداعية المرجحة ، امتنع صدور الفعل عنها ، وإن حصلت الداعية المرجحة ، فتلك القدرة مع تلك الداعية المرجحة الخالية عن المعارض ، تكون موجبة للفعل. فعلى هذا : الحاصل على أحد التقديرين : هو الامتناع (٢) وعلى التقدير الثاني حصل الوجوب. ولا قدرة البتة لا على الممتنع ، ولا على الواجب. فوجب أن لا تحصل المكنة (٣) من الفعل البتة. وهذه الوجوه الخمسة مستفادة من البحث الأول عن حال القدرة ، وعن كيفية تأثيرها في المقدور.
الحجة السادسة : إن العبد غير عالم بتفاصيل أفعال نفسه لأنه إذا حرك إصبعه فهو لا يعرف أنه كم عدد من الجواهر الفردة حركها؟ وفي كم عدد من الأحياز ، حرك ذلك الإصبع؟ واختصاص العدد المعين بالوقوع دون الزائد والناقص ، لا بد وأن يكون [بالقصد ، لكن (٤)] القصد مشروط بالعلم. فإذا لم يحصل العلم ، لم يحصل القصد أيضا ، فامتنع كونه واقعا بإيقاعه ، موجودا بإيجاده.
الحجة السابعة : لو كانت قدرة العبد صالحة لإيجاد بعض الممكنات
__________________
(١) من (ل) ، (طا).
(٢) في (ط ، ت) : تقديم وتأخير.
(٣) ولا على الواجب إلا بحصول المكنة [ت].
(٤) من (ل) ، (ط).