اللطيفة يتحرك الفلك الأعظم ثلاثة آلاف ميل ، ولا شك أن تلك الحركة تكون في غاية السرعة. إذا عرفت هذا فنقول : إنه إذا حدث حادث ، فالمنجم لا بد وأن يأخذ الاصطرلاب ، ويعرف موضع الكوكب ، وهذه الأعمال إنما تتم في زمان له قدر معين ، والفلك قد تحرك في ذلك الوقت مسافة لا حصر لها ولا حد ، وعلى هذا التقدير تصير معرفة طوالع الحوادث الحادثة في هذا ، كالأمور الميئوس منها.
الأصل الثالث من الأصول الموجبة لصعوبة هذا العلم : إن الوقوف على طبيعة كل كوكب بحسب تأثيره صعب عسير.
وتقريره. أن نقول : لا شك أن الكواكب إما ثابتة وإما سيارة.
أما الكواكب الثابتة فإن تأثيراتها أقوى من تأثيرات السيارة. ويدل عليه وجهان (١).
الأول : إنا بينا أن الفلاسفة اتفقوا على أن الأجسام مرتبة على ثلاث مراتب.
المرتبة الأولى : الذي لا يتأثر. وهما الكرتان العاليتان. أعني الفلك الأعظم ، وفلك الثوابت. وهذه المرتبة أشرف المراتب وأعلاها. والمرتبة الأخيرة : هي مرتبة الجسم ، الذي يتأثر ولا يؤثر وهما الكرتان السافلتان. إحداهما : كرة اللطيف ، أعني الهواء والنار. والثانية : كرة الكثيف أعني الماء والأرض. فهاتان الكرتان : يقبلان الأثر من الكرات العالية ، وليس لها تأثير في شيء آخر. وأما المرتبة المتوسطة. فهي التي تقبل الآثار من السيارات عن الكرتين العاليتين ، وتؤديانه إلى الكرتين السافلتين ، وهو الكرات السبعة التي حصل فيها السيارات السبعة. وهذا الرأي متفق عليه بين الفلاسفة.
والاستقصاء فيه مذكور في باب صفات الكواكب. وهذا الاعتبار يدل
__________________
(١) سقط (ت).