الفصل الثالث
في
الدلائل الدالة
على أن حصول الايمان والكفر في قلوب
العباد لا يمكن أن يكون إلا بتخليق الله تعالى
البرهان الأول
إنه لا يمكن أن يكون كل علم مكتسبا من علم آخر قبله وإلا لزم [إما (١)] التسلسل ، وإما الدور. بل لا بد وأن تنتهي هذه المكتسبات إلى علوم حاصلة في العقل ، لا على سبيل الاكتساب ، وهي البديهيات.
إذا عرفت هذا فنقول : كل ما لا بد منه في كون تلك البديهيات مستلزمة لهذه الكسبيات. إما أن يكون حاصلا ، وإما أن لا يكون. فإن كان الأول وجب كون هذه المكتسبات حاصلة عند حصول تلك البديهيات. لأن المؤثر ، إذا كان مستجمعا لجميع الجهات المعتبرة في المؤثرية ، فإنه يمتنع تخلف الأثر (عنه (٢)) فإذا كانت تلك البديهيات غير مقدورة البتة ، وكان استلزامها لهذه النظريات استلزاما ضروريا ، غير داخل تحت الاختيار. وجب القطع بأن هذه النتائج غير داخلة تحت القدرة والاختيار. وأما إن قلنا : إن تلك البديهيات غير مستجمعة لجميع الجهات المعتبرة في استلزام هذه النظريات ، فحينئذ لا بد من ضم أمور أخرى إليها. وتلك الأمور. إما أن تكون من العلوم البديهية ، أو
__________________
(١) من (ط ، ل).
(٢) من (ط ، ل).