[بوجه (١)] يوجب العلم بالجزء الثاني ، ثم العلم بمجموع الأجزاء ، يفيد العلم بتمام تلك الماهية. إلا أن هذا محال من وجهين :
الأول : (٢) إن على هذا التقدير ، يكون العلم بأحد الجزءين ، موجبا للعلم بالجزء الثاني. وهذا إنما يتم إذا كان العلم بالشيء يستفاد من المعلوم بالأمر الخارج عنه. وهذا هو القسم الثالث. فيكون الدليل الدال على إبطال هذا القسم ، يوجب فساد هذا الاحتمال.
والثاني : إن هذا الكلام إنما يتم إذا قلنا : إن العلم بمجموع الأجزاء ، يوجب العلم بتمام الماهية. إلا أن الدليل [الدال (٣)] على فساد هذا القسم ، يوجب فساد هذا الاحتمال. وأما إذا قلنا : إنا نتعرف العلم بتلك الماهية من العلم بمجموع أجزائها. فهذا أيضا : محال. لأن مجموع أجزائها ، هو تمام ماهية تلك الماهية. فالقول بأنا نتعرف مجموع تلك الماهية ، من معرفة مجموع أجزائها : يعود إلى القسم الأول. وهو تعريف الشيء [بنفسه (٤)] وهو محال.
وأما القسم الثالث : وهو أنا نتعرف تصور تلك الماهية من أمور خارجة عنها. فنقول : إن صريح العقل لا يستبعد حصول ذلك الوصف في غير تلك الماهية. لما ثبت : أن الماهيات المختلفة يجوز اشتراكها في لازم واحد. فعلى هذا التقدير ما لم يعرف أن ذلك الوصف مختص بتلك الماهية ، وغير حاصل في غيرها ، فإنه لا يمكننا أن نتوسل بمعرفة ذلك الوصف إلى معرفة تلك الماهية [لكن (٥)] علمنا بأن ذلك الوصف مختص بتلك الماهية ، مسبوق بتصور تلك الماهية. لأن العلم بالنسبة ، مسبوق بالعلم بكل الماهية الفلانية هي التي يلزمها اللازم الفلاني. فهذا لا يفيد العلم بخصوصية تلك الماهية. فإن بهذا القدر لا نعرف أن تلك الماهية أمرا ما ، مجهول الحقيقة. إلا أنه عرف منها ، أنه يلزمها
__________________
(١) من (م).
(٢) من (ط ، ل).
(٣) من (ط ، ل).
(٤) من (ط ، ل).
(٥) من (ط ، ل).