والثاني : إن استلزام تلك العلوم المتقدمة لتلك العلوم التي هي النتائج ، يجب أن تكون ضرورية. وكذلك استلزام تلك الجهالات المتقدمة لتلك الجهالات التي هي النتائج ، يجب أن تكون ضرورية. وعلى هذا التقدير يكون الكل من الله تعالى.
وهو المطلوب
البرهان الرابع
إن الانسان لا يقصد إلا تحصيل العلم. فلما حصل الجهل ، كان حصوله على خلاف قصده واختياره. فوجب أن يكون من غيره.
فإن قالوا : ذلك لأنه اشتبه عليه هذا الجهل بالعلم. فنقول : فهو إنما اختار ذلك الجهل ، لتقدم جهل آخر. ولا بد وأن تنتهي تلك الجهالات إلى الجهل الأول ، الواقع بخلق الله.
وهو المطلوب
البرهان الخامس
إن الناس تحيروا في ماهية العلم وفي موضوعه. أما حيرتهم في ماهية العلم. فلأن بعضهم يقول : العلم ليس إلا مجرد هذه النسبة المسماة بالتعلق. وبعضهم يقول : أنه صفه حقيقة مستلزمة لهذه النسبة والإضافة. وبعضهم يقول : إنه عبارة عن صورة مساوية لماهية المعلوم ، حاصلة في ذات العالم. ولو كان حصول هذا العالم بإيجادي وخلقي ، لكنت عالما بأني لما ذا خلقت؟ لأن القصد إلى ما لا يكون متصورا : محال. ولو كنت أعلم أني لما ذا خلقت؟ لما بقي هذا الاشتباه.
وأما حيرتهم في موضع العلم. فلأن بعضهم قال : موضعه هو القلب [وبعضهم قال : إن موضعه هو الدماغ (١)] وبعضهم قال : موضعه هو
__________________
(١) من (ط ، ل).