قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

المطالب العالية من العلم الإلهي [ ج ٩ ]

15/395
*

فهذا بحث شريف لا بد من الوقوف عليه في هذا الباب.

البحث الثاني : لقائل من المعتزلة أن يقول : الجبر لا يتأتى إلا مع القول بكون الباري موجبا بالذات لا فاعلا بالاختيار. لأن حاصل كلام الجبرية هو : أن عند حصول القدرة والداعية الخالصة يجب الفعل ، وعند فقدان هذا المجموع يمتنع الفعل. وهذا هو القول بالجبر. إلا أن هذا الكلام بعينه وارد في فاعلية الله. لأن كل ما لا بد منه في فاعلية الله تعالى. إن كان حاصلا في الأزل ، وجب حصول العالم معه ، وإن لم يكن أزليا ، افتقر حدوثه إلى سبب آخر ، ولا يتسلسل بل ينتهي إلى الصفات الأزلية. وحينئذ يعود هذا السؤال.

قالوا : فثبت : أن دليلكم في إثبات الجبر ، إن تم وكمل فهو ، يوجب القول بالجبر شاهدا أو غائبا. وذلك يوجب القول بقدم العالم ، وبكونه تعالى موجبا بالذات ، لا فاعلا بالاختيار. كما هو قول الفلاسفة.

وأما إن قلنا : إن صدور الفعل عن القادر لا يتوقف على الداعية ، وإن توقف عليها لكن صدور الفعل عند حصول الداعية غير واجب. فهذا قول المعتزلة. وبطل القول بالجبر في الشاهد [والغائب (١)] فثبت : أن الحق. إما القول بالجبر شاهدا وغائبا ، كما هو قول الفلاسفة. أو القول بنفيه شاهدا وغائبا ، كما هو قول المعتزلة. فأما القول بإثباته في الشاهد ، ونفيه في الغائب ، كما هو قولكم فكلام متناقض.

فهذا هو الكلام الأقوى من جانبهم.

واعلم : أن بتقدير أن يتوجه على القول بالجبر هذا الإلزام ، إلا أن القول بالقدر يتوجه عليه ، ما هو أقبح [منه (٢)] وأفحش. وذلك لأنا بينا : أن القول بالقدر لا يتم إلا إذا قيل : إن رجحان الفاعلية على التاركية ، يحصل لا لمرجح. وعند هذا القول. إما أن يكون [الإمكان محوجا إلى مؤثر ، أو لا

__________________

(١) من (ل).

(٢) من (ط).