تلقفت نفس الإفك. بل أراد العصى والحبال التي كانت أسبابا لترويج ذلك الإفك.
الثالث : إن العرب يسمون محل العمل عملا. يقال في الثياب والخاتم. هذا عمل فلان. والمراد : محل عمله.
فثبت بهذه الوجوه الثلاثة : أن «ما» مع ما بعده ، كما يجيء بمعنى المصدر فقد يجيء بمعنى المفعول. فلم يكن حمله هاهنا على المصدر ، أولى من حمله على المفعول. بل نقول : حمله هاهنا على المفعول أولى. وذلك لأن المقصود في هذه الآية تزييف مذهبهم في عبادة الأصنام ، لا بيان أنهم لا يوجدون أفعال أنفسهم. لأن الذي جرى ذكره في أول الآية إلى هذا الموضع هو مسألة عبادة الأصنام ، لا مسألة خلق الأعمال.
والجواب :
أما قوله : «إضافة العبادة ، والنحت إلى العباد ، يدل على كون العبد محدثا» فجوابه : سيجيء عند الجواب عن شبههم العقلية.
وقوله : «لا نسلم أن هذه الكلمة في تقدير المصدر» قلنا : هذا مذهب «سيبويه» وقوله حجة. وأما الآيات التي أوردوها ، فنحملها على المجاز. وقد بينا في أصول الفقه : أن المجاز خير من الاشتراك ، وقولهم يقتضي كون هذا اللفظ مشتركا بين المصدر وبين المفعول. والله أعلم.
الحجة الحادية عشر : قوله تعالى : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) (١) فقوله : (أَلا لَهُ الْخَلْقُ) يفيد أنه لا خلق إلا لله. وغاية ما في الباب : أنا خالفناه هذا الظاهر ، في قوله تعالى : (وَالْأَمْرُ) لدليل قام عليه ، فوجب أن يبقى هذا الحصر معتبرا في جانب الخلق.
الحجة الثانية عشر : قوله تعالى : (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) (٢)
__________________
(١) سورة الأعراف ، آية : ٥٤.
(٢) سورة البقرة ، آية : ٢٩.