اللهِ ، وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) وهي الجدب وغلاء الأسعار. قالوا : هذا من شؤم محمد ـ عليهالسلام ـ فثبت : أن المراد هاهنا من الحسنة والسيئة ليس هو الطاعات والمعاصي ، بل الرخص والقحط.
الثاني : إن الحسنة إذا أريد بها الخير والطاعة. لا يقال فيها : أصابتني. وإنما يقال : أصبتها. وليس في كلام العرب : أصابت فلانا حسنة. بمعنى أنه عمل خيرا ، وأصابته سيئة بمعنى عمل معصية. بل نقول : لو كان المراد ما ذكرتم ، لقال : إن أصبتم حسنة.
الثالث : لفظ الحسنة واقع بالاشتراك على الطاعات ، وعلى المنافع الدنيوية ، وهاهنا أجمع المفسرون على أن المنافع مرادة ، فيمتنع كون الطاعات مرادة. ضرورة أنه لا يجوز استعمال اللفظ المشترك في مفهوميه جميعا.
الرابع : إنه تعالى قال بعد هذه الآية : ما دل على أن المراد بالحسنة والسيئة في هذه الآيات ، ليس هو الطاعات والمعاصي. وبيانه من وجهين :
الأول : إن تعالى قال بعد هذه الآية : (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ ، لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) ولو كان حصول العلم والمعرفة بخلق الله ، لم يبق لهذا التعجب معنى. لأن السبب في أن لا تحصل هذه المعرفة على قول من يقول خالق أعمال العباد هو الله : هو أنه تعالى ما خلقها وما أوجدها. وذلك يبطل هذا التعجب. فلما حصل هذا التعجب ، دل ذلك على أن العلم والمعرفة إنما يحصلان بإيجاد العبد.
الثاني : إنه تعالى قال بعد هذه الآية : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ. وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) وجه الاستدلال به : أن لفظ السيئة تارة يقع على البلية والمحنة ، وتارة يقع على الذنب والمعصية. ثم إنه تعالى أضاف السيئة إلى نفسه بقوله : (قُلْ : كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ) وأضاف السيئة في آخر هذه الآية إلى العبد بقوله : (وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) ولا بد من التوفيق بين هاتين الآيتين. ولما كانت السيئة بمعنى البلية والمحنة ، مضافة إلى الله تعالى ، وجب أن تكون السيئة بمعنى المعصية ، مضافة إلى العبد ، حتى