منه : أنها حصلت بإقدار الله وبإعانته عليه ، فوجب حمل اللفظ عليه ، إزالة للتناقض بين الآيات.
قوله : «المراد من الحسنة والسيئة ؛ المنافع والمضار» قلنا : قد بينا أن لفظ الحسنة والسيئة ، كما يتناولان المنافع والمضار ، فقد يتناولان الطاعات والمعاصي. فتخصيصه بأحدهما تحكم محض.
قوله : الآية إنما نزلت في المنافع والمضار ، والخصب والجدب قلنا : العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب.
قوله : «لا يقال في الطاعات والمعاصي ، إنها أصابتني» قلنا : لا نسلم. فإنه يجوز أن يقال : أصابني توفيق من الله ، وعون من الله. وفلان أصابه خذلان من الله. والمراد من ذلك : التوفيق والعون لتلك الطاعة ، أو ما يرجح جانبه على جانب المعصية.
قوله : «لفظ الحسنة والسيئة ، بالنسبة إلى المعنيين مشترك ، فلم يمكن حمله عليها» قلنا : لا نسلم أنه مشترك ، بل متواطئ. وذلك لأن كل ما كان منتفعا به فهو حسنة. ثم إنه إن كان منتفعا به في الآخرة فهو الطاعة ، وإن كان منتفعا به في الدنيا ، فهو النفع الحاضر. فثبت : أن هذا اللفظ بالنسبة إلى هذين الأمرين متواطئ ، لا مشترك ، فكان متناولا لكل واحد من القسمين.
قوله : «لو حملنا الحسنة والسيئة هاهنا على الطاعات والمعاصي ، لزم التناقض بين أول الآية وبين آخرها» قلنا : لا نسلم. أما قوله تعالى : (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) فنقول : وجه تمسك الخصم به : أن المدح والذم لا يصحان ، إلا إذا كان العبد موجدا. وسيأتي الجواب عن هذه الشبهة ، إن شاء الله تعالى. وأما قوله تعالى : (وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) فالجواب عن تمسكهم به من وجوه :
الأول : إنه تعالى قال حكاية عن إبراهيم ـ عليهالسلام ـ أنه قال : (وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) (١) أضاف المرض إلى نفسه ، والشفاء إلى الله. ولم
__________________
(١) سورة الشعراء ، آية : ٨٠.