الفصل الأول
في
أن التمسك بأخبار الآحاد
في هذه المسألة هل يجوز أم لا؟
اتفق الأصوليون على أنه لا يجوز. واحتجوا عليه بوجوه :
الحجة الأولى : إن خبر الواحد مظنون. فلا يجوز التمسك به في المسائل اليقينية. وإنما قلنا : إنه مظنون. لوجوه :
الأول : إن كل واحد من هؤلاء الرواة. إما أن يحصل القطع بأنه لا يجوز إقدامهم على الكذب ، أو لا يحصل هذا القطع. والأول باطل. لأن ذلك يقتضي القول بكونهم معصومين قطعا. وذلك باطل بإجماع المسلمين. وكيف لا نقول ذلك ، والروافض. لما ادعوا عصمة «علي بن أبي طالب» ـ رضي الله عنه ـ وبعض أولاده ، كفرهم أكثر المحدثين ، لهذا السبب. فكيف يجوز العاقل ادعاء عصمة هؤلاء الرواة؟ وأيضا : فنحن نعلم أن القول بعصمة كل واحد من هؤلاء المحدثين كذب وزور وبهتان. وأما الثاني : وهو إن سلموا بأنا لا نقطع بوجوب كونهم صادقين ، فعلى هذا التقدير يجوز كونهم كاذبين ، ومع هذا التجويز كيف يمكن القطع بصحة هذه الأخبار؟.
واعلم ؛ أن الآفة الكبرى في هذا الباب : أن هؤلاء المحدثين لا يميزون بين حس الظن وبين القطع واليقين. فنحن نسلم أنه يجب علينا إحسان الظن بهؤلاء الرواة. أما الجزم واليقين فلا سبيل إليه. وهؤلاء المحدثون ظنوا أن من سلم حسن الظن بهؤلاء الرواة ، فقد سلم الجزم واليقين. وذلك بعيد.