الفصل الأول
في
الدلائل الدالة على أن العبد
غير مستقل بنفسه بالفعل والترك
ولنا في هذه المسألة براهين :
البرهان الأول
أن نقول :
القادر على الفعل المخصوص. إما أن يصح منه الترك ، وإما أن لا يصح. والقسم الثاني يقتضي أن تكون تلك القدرة مستلزمة لذلك الفعل. وعند حصول تلك القدرة يجب الفعل ، وعند فقدانها يمتنع الفعل. فكان القول بالجبر لازما (١)
__________________
(١) وأما أفعال الناس فهم فيها مختلفون.
مذهب أكثرهم جمهور الأشعرية ـ : أن عند تحريك هذا القلم. خلق الله أربعة أعراض ، ليس منها عرض سببا للآخر. بل هي متقارنة في الوجود لا غير. العرض الأول : إرادتي أن أحرك القلم. والعرض الثاني : قدرتي على تحريكه. والعرض الثالث : نفس الحركة الإنسانية ـ أعني حركة اليد ـ والعرض الرابع : تحرك القلم. لأنهم زعموا : أن الإنسان إذا أراد شيئا ففعله ـ بزعمه ـ فقد خلقت له الإرادة ، وخلقت له القدرة على فعل ما أراد ، وخلق له الفعل. لأنه يفعل بالقدرة المخلوقة فيه ، ولا أثر لها في الفعل.
أما المعتزلة : فقالوا إنه يفعل بالقدرة المخلوقة فيه. وبعض الأشعرية قال : «للقدرة المخلوقة في الفعل أثر ما ، ولها به تعلق» ولكن أكثرهم استشنعوا ذلك. وهذه الإرادة المخلوقة ـ على زعم ـ كلهم ـ والقدرة المخلوقة. وكذلك الفعل المخلوق عند بعضهم. كل ذلك أعراض لا بقاء ـ