الفصل الثاني
في
تقرير الدلائل الاخبارية
على صحة القول بالقضاء والقدر
الحجة الأولى : ما رواه الشيخان في الصحيحين بإسنادهما عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس. أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله ـ عليهالسلام ـ : «احتج آدم وموسى. فقال موسى : يا آدم. أنت أبونا ، وأخرجتنا من الجنة. فقال آدم يا موسى. اصطفاك الله بكلامه ، وخط لك التوراة بيده ، تلومني على أمر قدره الله عليّ ، قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ فحج آدم موسى» وهذا الخبر مروي بطرق مختلفة. وفيها زيادات ونقصانات.
فإن قيل : هذا الحديث ضعيف. وبيانه من وجوه :
الأول : إنه روى هذا الحديث بطرق مختلفة فيها زيادات ونقصانات. والواقعة واحدة. وذلك يدل على الضعف.
الثاني : إن صاحب شرح السنة ، روى هذا الخبر بإسناد آخر. عن همام بن منبه ، قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة. قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تحاجّ آدم وموسى. فقال له موسى : أنت آدم الذي أغويت الناس فأخرجتهم من الجنة إلى الأرض» إلى آخر الحديث. والولد لا يجوز أن يشافه أباه بمثل هذا القول الغليظ ، والإيذاء الشديد. قال تعالى : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) (١) وقال : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) (٢) فكيف إذا كان الأب مثل آدم صلىاللهعليهوسلم ، في كونه
__________________
(١) سورة الاسراء ، آية : ٢٣.
(٢) سورة الإسراء ، آية : ٢٣.