بأن فاعل الكل ، هو الله ـ سبحانه ـ
سلمنا : أن المراد من الخير والشر : الطاعة والمعصية. إلا أن قوله : «وأن تؤمن بالقدر خيره وشره» ليس فيه بيان أن المعتبر هو الإيمان ، بأن قدر الخير والشر من الله ، أو من العبد. فنحن نقول : المراد : أن قدر الطاعات والمعاصي من العبد ، وأنتم تقولون : المراد: أنه من الله. فلم كان قولكم أولى من قولنا؟ والذي يؤكد قولنا : أنكم تزعمون أن القدرية هم المعتزلة ، لأجل أنهم أثبتوا القدر لأنفسهم ، ونحن نقول : القدرية هم المجبرة ، لأنهم أثبتوا القدر لله. فعند هذا قلتم : إن تسمية من ثبت القدر لنفسه بالقدري ، أولى من تسمية من ثبت القدر لغيره بالقدري. وإذا كان الأمر كذلك. فاقبلوا هاهنا مثل هذا الكلام. وهو أن نقول : حمل قوله : «وأن تؤمن بالقدر خيره وشره» على إثبات القدر للنفس ، أولى من حمله على إثبات القدر للغير.
وأيضا : فالأركان الثلاثة المتقدمة. وهي إثبات الربوبية ، وإثبات النبوة ، وإثبات المعاد ، لا تتم إلا بإثبات العبودية للعباد ، وذلك لا يتم إلا أن يكون تقدير الطاعات والمعاصي ، بحسب اختيار العباد. فلما ذكر الأركان الثلاثة ، ثم ذكر عقيبها قوله : «وأن تؤمن بالقدر خيره وشره» وجب حمله على ما ذكرناه.
سلمنا : ما ذكرتم ، لكن راوي هذا الخبر ، هو علي بن أبي طالب. والقول بالعدل متواتر عنه ، وعن أولاده. والراوي إذا خالف روايته ، أورث ذلك طعنا وضعفا في الرواية. والله أعلم.
والجواب :
أما حمل القدر على الكتابة في اللوح المحفوظ. فجوابه من وجهين :
الأول : إن هذا باطل. لأن المسلمين أجمعوا على أن العلم بوجود اللوح المحفوظ ، وبأن الله تعالى أحدث فيه رقوما مخصوصة دالة على أحوال هذا العالم ، ليس من شرائط الإيمان ، ولا من واجباته. والخبر الذي ذكرناه يدل