عن زيد بن وهب ، قال : سمعت عبد الله بن مسعود ، يقول : حدثنا رسول الله عليهالسلام ، وهو الصادق المصدوق : «إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه ، أربعين يوما نطفة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يبعث الله إليه الملك بأربع كلمات. فيكتب رزقه وعمله وأجله وشقي أو سعيد» قال : «وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة ، حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل النار ، فيدخلها. وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار ، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل الجنة ، فيدخلها».
والاستدلال بهذا الخبر من وجهين :
الأول : إنه تعالى لما حكم به بأنه شقي ، امتنع أن يصير سعيدا ، وإلا لزم أن ينقلب الخبر الصدق : كذبا ، وأن ينقلب العلم : جهلا. وكل ذلك محال.
الثاني : إنه عليهالسلام بيّن أن الرجل يعمل بعمل أهل النار ، إلا أنه لأجل أنه سبق الكتاب بكونه من أهل الجنة ، ينقلب من عمل أهل النار إلى عمل أهل الجنة. وهذا يدل على أنه لا قدرة للعبد ، على خلاف حكم الله وعلمه. وذلك يبطل القول بالاعتزال.
فإن قيل : هذا الخبر مشتمل على أمور باطلة ، فوجب أن يقال : إنه ليس كلاما لرسول الله. وبيانه من وجوه :
الأول : حكى الخطيب في «تاريخ بغداد» عن «عمرو بن عبيد» أنه قال : «لو سمعت الأعمش يقول هذا ، لكذبته ، ولو سمعت زيد بن وهب يقول هذا ، ما أجبته ، ولو سمعت عبد الله بن مسعود يقول هذا ، ما قبلته ، ولو سمعت رسول الله يقوله ، لرددته ، ولو سمعت الله يقول هذا ، لقلت : ليس على هذا أخذت ميثاقا»
الثاني : وهو أن هذا الحديث يدل على أن النطفة تبقى نطفة أربعين