يلزم من مصادقات بعضها لبعض ، تأديها بالآخرة إلى هذا الفعل ـ على ما هو مذهبنا ، وقولنا خاصة ـ ويحتمل أن يكون المراد منه : علم الله تعالى بوقوع ذلك الفعل ، أو حكمه بوقوعه. وعلى (١) جميع التقديرات ، فقد بينا : أن العبد لا استقلال له بالفعل والترك.
الحجة الحادية والعشرون : ما روى أبو موسى الأشعري قال (٢) : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض. فجاء بنو آدم على قدر الأرض. منهم الأحمر والأسود والأبيض والأصفر. ومن ذلك السهل والحزن والخبيث والطيب» واعلم : أن هذا إشارة إلى ما بينا من اختلاف الأمزجة. فوجب اختلاف الأخلاق والأفعال والعقائد. فمن كانت الصفراء عليه أغلب ، كان الغضب والسبعية والقسوة عليه أغلب. ومن كان البلغم عليه أغلب ، كان السكون والهدوء والبلادة عليه أغلب.
الحجة الثانية والعشرون : ما روى عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده قال : كنت جالسا عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، إذ أقبل أبو بكر وعمر ، ومعهما قوم (٣) من الناس ، قد ارتفعت أصواتهم. فكف رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الحديث وتسمع. فلما دنوا ، جاء أبو بكر فسلم على رسول الله وجلس إلى جنبه ، ثم جاء عمر وسلم وجلس بعيدا منه. فقال النبي عليه الصلاة والسلام : «ما هذا الذي ارتفعت أصواتكم فيه؟ قال بعض القوم : يا رسول الله تكلم أبو بكر وعمر ، واختلفا فاختلفنا باختلافهما. قال : «وما ذاك؟» قالوا : في القدر (٤) قال أبو بكر : يقدر الله الخير ولا يقدر الشر. وقال عمر : بل يقدرهما. فتبع بعض القوم أبا بكر ، وبعضهم عمر. فقال : رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كيف قلت يا أبا بكر؟» قال : قلت الحسنات من الله ، والسيئات من أنفسنا. فأعرض عنه. ثم أقبل على عمر ، وقال : «كيف قلت يا عمر؟» قال : قلت : الحسنات
__________________
(١) على (م).
(٢) يقول (م).
(٣) فتام (م).
(٤) القدرة (م).