والسيئات كلها من الله قال فانبسط رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حتى عرف البشر في وجهه. وقال : «والذي بعثني بالحق ، لأقضي بينكما بما قضى به إسرافيل ، بين جبريل وميكائيل» فقال بعضهم : أو تكلم فيه جبريل وميكائيل؟ فقال : «والذي نفس محمد بيده إنهما لأول الخلائق تكلما فيه. أما جبريل فقال : مثل مقالتك يا عمر ، وأما ميكائيل فقال مثل مقالتك يا أبا بكر. فتحاكما إلى إسرافيل ، فقضى بينهما قضاء هو قضائي بينكما» قالوا يا رسول الله فما كان من قضائه؟ قال : «قضى إسرافيل بينهما بأن الخير والشر من الله. وهذا قضائي بينكما» ثم قال : «يا أبا بكر لو أراد الله [أن (١)] لا يعصى في أرض أحد ، لم يخلق إبليس».
فإن قيل : هذا الخبر ضعيف المتن. وبيانه من وجوه :
الأول : إنه منقطع أو مرسل. لأن عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص. إذا حكى عنه أنه (٢) روى عن أبيه عن جده. فالضمير (٣) في قوله : «جده» إما أن يكون عائدا إلى عمرو ، أو إلى شعيب. فإن عاد إلى عمرو. فجده هو عبد الله بن عمرو بن العاص. وإنه ما رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فكان الخبر مرسلا. وإن عاد إلى شعيب ، فجده عبد الله ، إلا أنه ما لقيه. فكان الخبر منقطعا.
الثاني : إن الاختلاف في هذه المسألة يوجب الإكفار (٤). فلو وقع الاختلاف فيها بين أبي بكر وعمر ، وبين جبريل. لزم إكفار أحدهما.
الثالث : إن هذه القضية. روى أنها كانت بالمدينة. فكيف بقي أبو بكر
__________________
(١) سقط (م).
(٢) إذا (م).
(٣) والضمير (م).
(٤) لو وجب الاكفار بالاختلاف في القضاء والقدر. لشك المعتزلة في إيمان الأشاعرة. وشك الأشاعرة في إيمان المعتزلة ، وشك الشيعة في إيمان أهل السنة ، وشك أهل السنة في إيمان الشيعة. وبذلك تكون الفرق الإسلامية كلها كافرة. لا بعينها ، كما قال واصل بن عطاء في المتحاربين من المسلمين «أحدهما فاسق. لا بعينه».