النوع الأول
الاستدلال الاجمالي
وتقريره : إن المقصود من جميع كتب الله المنزلة. إما تقرير الدلائل على التوحيد والنبوة والمعاد. وإما الأمر والنهي ، والمدح والذم ، والثواب والعقاب. وإما القصص (١) لإرادة أن يعتبر المكلف ، فيحترز عن مخالفة تكاليف الله تعالى. فهذه هي المعاقد الكلية ، والمطالب الأصلية من كتب الله المنزلة. وكلها مبطلة للقول بالجبر. أما تقرير الدلائل على التوحيد والنبوة والمعاد وسائر المطالب ، فالكل على مذهب الجبر عبث باطل. لأنه تعالى إن كان قد خلق العلم والمعرفة بتلك الأشياء ، فلا حاجة به البتة الى معرفة الدلائل. وإن كان الله لم يخلق العلم في المكلف ، لم ينتفع المكلف البتة بشيء من تلك الدلائل. فعلى كلا التقديرين [يكون (٢)] نصب الدلائل وتقريرها وإيضاحها : عبثا ضائعا ، على مذهب الجبر. وأما الأمر والنهي فهو أيضا ضائع على مذهب الجبر. لأن الأمر والنهي إنما يحسنان إذا كان المأمور والمنهي قادرا على الفعل ، متمكنا منه. ألا ترى أن من قيد يداه ورجلاه ورمي من شاهق جبل ، ثم أمر بالرجوع ، أو نهي عن النزول : كان ذلك سفها وعبثا. ولو كان [كل (٣)] فعل : خلقه الله تعالى ، لكان جميع تكاليف الله تعالى كذلك. لأن الذي خلقه
__________________
(١) التقصيص (م).
(٢) زيادة.
(٣) زيادة.