داعية الرحمة ، والخالق لتلك الداعية هو الله سبحانه ، فكان الراحم في الحقيقة ليس إلا الله سبحانه من هذا الوجه. فهذا هو الكلام في هذا الباب.
والله أعلم بالصواب
الفصل الرابع
في
قولنا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ)
قالت (١) المعتزلة : هذا لا يتم إلّا على مذهبنا. وذلك لأن المستحق للحمد هو الذي لا قبح في فعله ، ولا جود في قضيته ، ولا سوء في مشيئته ، ولا عيب في صنعه. وعندنا : أن الله كذلك. فكان مستحقا لأعظم المحامد والمدائح. أما على مذهب الجبر ، فلا قبيح إلا وهو فعله ، ولا جور إلا وهو قضيته ، ولا عبث إلا وهو صنعه. لأنه يخلق الكفر في الكافر ثم يعذبه عليه [ويؤلم الحبر امانه (٢)] من غير أن يعوضها ، فامتنع كونه مستحقا للحمد والمدائح. وأيضا : ذلك الحمد الذي يستحقه بسبب كونه إلها. إما أن يستحقه على العبد ، أو على نفسه. فإن استحقه على العبد ، وجب أن يكون [العبد (٣)] قادرا على الفعل. وذلك يبطل القول بالجبر. وإن كان يستحقه على نفسه ، كان معناه أنه يجب عليه أن يحمد نفسه. ومعلوم أن ذلك باطل. فثبت : أن قوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ) : لا يتم إلا على قولنا.
قال أهل السنّة والجماعة : بل هذا لا يتم إلا على قولنا. وبيانه من وجوه :
__________________
(١) في (م) أدمج الناسخ الفصل الرابع والخامس في فصل واحد هو الرابع. وفصل (رَبِّ الْعالَمِينَ) في (ط) فقط.
(٢) من (ط).
(٣) من (ط ، ل).