إلقاء الحبل إليه محض الإضرار. فكذا هاهنا.
الثالث : إن الإيمان أكثر نفعا للعبد من كل سواه ، ولما كان إيمان العبد من خلقه ، كان تربية العبد لنفسه أكمل من تربية الله له. فوجب أن يكون كون العبد ربا ومربيا لنفسه ، أكمل من كون الله ربا ومربيا له. وهذا يوجب أن يصح من الله التمدح بكونه ربا للعالمين.
والله أعلم
الفصل السادس
في
قوله : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)
قالت المعتزلة : الدين هو الجزاء. والجزاء إنما يحسن على الفعل فإذا [كان (١)] لا فعل للعبد ، امتنع ترتب الجزاء عليه. فوجب أن يكون مالكا ليوم الدين.
قال أهل السنة والجماعة : كونه تعالى مالكا ليوم الدين ، لا يتم إلا على قولنا. وبيانه من وجوه :
الأول : إنا نفرض رجلا استمر على كفره ثمانين سنة ، ثم اتفق أن آمن ، ومات عقيب إيمانه بلحظة. فهذا الرجل عصى الله بالكفر في جميع عمره ، ثم أتى بالإيمان لحظة واحدة ، فإنه ينعزل عن الإلهية ، ويصير سفيها مستحقا للذم. وعلى هذا التقدير لا يكون مالكا ، بل يكون مملوكا [بل يكون حاله أشد من حال مملوك (٢)] لأن المملوك قد يتوقع الخلاص عن ذلّ تكليف المولى. والله تعالى لا رضاء له [البتّة في الخلاص (٣)] عن ذلك التكليف.
__________________
(١) من (ط ، ل).
(٢) من (ط ، ل).
(٣) من (م ، ل).