فيلزم أن لا يكون تعالى مالكا ليوم الدين ، بل يكون مملوكا في يوم الدين ـ تعالى الله عنه علوا كبيرا ـ
الثاني : إن كفر العبد ومعصيته متناهية. والعقل يقضي أن يكون العقاب بقدر الجرم. لا زائدا عليه. فوجب أن يكون عقاب الكفر والمعصية متناهيا [فلما جعل عقاباته غير متناهية (١)] علمنا أنه لا يمكن أن يقال : أحكام أفعاله على أحكام أفعالنا في الحسن والقبح. وذلك يبطل قول المعتزلة.
الثالث : إن المحاسبة على المأكول والمشروب مستقبحة من العظماء. وجميع الدنيا بالنسبة إلى خزائن الله أقل من الذرة بالنسبة إلى البحر الأعظم. فلو كانت أحكامه مثل أحكامنا ، لوجب أن يقبح منه حساب العبد في الذرة واللقمة. ولما لم يقبح ، علمنا : أنه لا تقاس أفعاله على أفعالنا ، ولا أحكامه على أحكامنا. وذلك يبطل الاعتزال بالكلية.
الفصل السابع
في
قوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ)
قالت المعتزلة : هذا تصريح بكون العبد فاعلا ومستقلا بأفعال نفسه. فإنه لو كان فعل العبد قد خلقه الله ، لكان سعي العبد جاريا مجرى تحصيل الحاصل. وذلك محال. وحينئذ يبقى قوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) : كذبا محضا. وأيضا : لو كانت العبادة خلقها الله تعالى ، لوجب أن يقول العبد : إياك نسأل منك خلق العبادة.
قال أهل السنّة والجماعة : إنما تصير [العبادة (٢)] داخله في الوجود
__________________
(١) من (م ، ل).
(٢) بالقدر وهو ليس (م).