النوع الثالث
من استدلالات المعتزلة بالقرآن
اعلم أنها كثيرة جدا. غير أنا نذكر معاقدها على سبيل الاختصار :
فالوجه الأول من استدلالاتهم بالقرآن : الألفاظ الدالة على إسناد الأفعال إلى العباد [وهو على طريقين :
الطريق الأول (١)] إسناد الأفعال إلى الفاعلين. أ ـ قوله تعالى :
(الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ، وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ ، وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (٢) فأضاف الفعل إليهم ، ولم يقل : الذين خلق فيهم الايمان ، والصلاة ، والإنفاق. ب ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا. سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ ، أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ. لا يُؤْمِنُونَ) (٣) فبين تعالى : أن الإيمان موقوف عليهم ، وأنهم لا يأتون به. ج ـ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ : آمَنَّا بِاللهِ ، وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ. يُخادِعُونَ اللهَ ، وَالَّذِينَ آمَنُوا. وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ) (٤) وعلى قول المجبرة : كان يجب أن يقال يخادع الله نفسه ، الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض. وكل
__________________
(١) زيادة.
(٢) سورة البقرة ، آية : ٣.
(٣) سورة البقرة ، آية : ٦.
(٤) سورة البقرة ، آية : ٩.