حصول ذلك القدر من الرجحان. إن امتنع ، العدم ، فقد حصل الوجود. وذلك هو المطلوب. وإن لم يمتنع العدم ، فلنفرض ذلك واقعا. فإن كل ما كان ممكنا ، لم يلزم من فرض وقوعه محال. وعلى هذا التقدير يكون قد حصل عند حصول ذلك القدر من الرجحان : الوجود تارة ، والعدم أخرى ، بامتياز أحد الوقتين عن الآخر. بحصول الأثر في أحدهما ، وعدم حصوله في الثاني ، إن لم يتوقف على انضمام قيد إليه فقد يرجح الممكن المتساوي لا عن مرجح. لأن نسبة ذلك القدر من الرجحان إلى الوقتين ، لما كان على السوية ، ولم يختص أحد الوقتين بمزية ، لأجله صار هو أولى بالوقوع ، فحينئذ يكون تمييز أحد الوقتين عن الثاني تمييزا لأحد طرفي الممكن [المتساوي (١)] عن الآخر ، لا لمرجح. وإما أن يتوقف على انضمام قيد إليه ، فحينئذ يكون المرجح هو المجموع الحاصل من الأمر الذي كان حاصلا ، مع انضمام هذا القيد إليه. فيلزم أن يقال : إن مجرد الأمر الذي كان حاصلا [قبل (٢)] ذلك ، ما كان تمام المرجح. مع أنا فرضناه تمام المرجح. هذا خلف. وأيضا : يتحقق بقيد التقسيم عند حصول ذلك المجموع. فنقول : إن كان الفعل [واجبا (٣)] فهو المقصود. وإن لم يكن واجبا ، عاد التقسيم فيه. ولزم التسلسل. وهو محال.
الحجة الثالثة : إن عند حصول الداعية المرجحة للوجود. إن امتنع العدم ، فقد حصل الوجوب وهو المقصود. وإن لم يمتنع العدم ، فليفرض العدم حاصلا مع حصول ذلك القدر من رجحان الوجود. لأن كل ما كان ممكنا ، لم يكن من فرض وقوعه محال. لكن هذا الفرض محال ، لأن حال حصول رجحان الوجود. لو حصل العدم يحصل في تلك الحالة رجحان العدم لأن عند حصول العدم ، يكون العدم راجحا ، لا محالة. وهذا يوجب أن يقال : إن عند حصول رجحان الوجود ، حصل رجحان العدم. وذلك يقتضي كون وجوده راجحا على عدمه ، وعدمه راجحا على عدمه ، وعدمه راجحا على وجوده ، باعتبار واحد ، في حال واحد وإنه محال.
__________________
(١) من (ط ، ل)
(٢) من (ط ، ل)
(٣) من (م ، ل)