النوع الرابع
من وجوه استدلالات المعتزلة بالقرآن
الآيات التي أمر الله عباده فيها بأن يستعينوا بالله ، وبأن يعين بعضهم بعضا
أما الاستعانة بالله : فكقوله تعالى : (إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ـ (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) (١) ـ (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ) (٢) ـ (اسْتَعِينُوا بِاللهِ) (٣) وتقديره : إن الاستعانة إنما تعقل في حق من يقدر على الفعل ، لكنه لا يقدر على إتمامه وإكماله إلا بإعانة المعين. فلو لم يكن العبد قادرا على التكوين والتحصيل كانت إعانته ممتنعة ، فكان أمره بالاستعانة عبثا. وأما الأمر بإعانة بعضهم بعضا. فكقوله تعالى : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى ، وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) (٤) ومن لم يقدر على الفعل أصلا فكيف يمكنه إعانة غيره على الفعل؟
والجواب : مذهبنا : أن الملزوم للفعل هو مجموع القدرة والداعي. وذلك مشروط بإزالة الموانع. فإعانة الله لعبده. هو أن يزيل الموانع عن كون ذلك المجموع مستلزما لذلك الأثر.
وأما إعانة بعضهم بعضا : فهو أنه من الجائز أن لا تكون قدرة الإنسان
__________________
(١) سورة النحل ، آية : ٩٨.
(٢) سورة المؤمنون ، آية : ٩٧.
(٣) سورة الأعراف ، آية : ١٢٨.
(٤) سورة المائدة ، آية : ٢.