النوع الحادي عشر للقوم
الآيات التي تدل بصريحها على أن أفعال العباد ليست من الله
فأحدها : قوله تعالى : (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ ، لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ. وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ. وَيَقُولُونَ : هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ، وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) (١) وجه الاستدلال بالآية : أنه لو كان التحريف والكذب في اللسان خلقا لله تعالى ، لكان اليهود صادقين في قولهم : إنه من عند الله ، ولذم تكذيب الله في قوله : (وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) [وذلك لأنهم أضافوا إلى الله ما هو من عند الله (٢)] والله تعالى نفى عن نفسه أنه ما هو من عنده. ثم قال الجبائي في تفسيره ، عند تقرير هذا الكلام : «وكفى هذا الخزي ، لقوم يجعلون اليهود أولى بالصدق من الله».
قالوا : ولا يقال : المراد من قولهم : (هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) أنه كلام الله
__________________
(١) سورة آل عمران ، آية : ٧٨ وفي مجمع البيان : «وفي هذا دليل على أن المعاصي ليست من عند الله ولا من فعله. لأنها لو كانت من فعله ، لكانت من عنده على آكد الوجوه. فلم يجز إطلاق النفي بأنها ليست من عند الله ، وكما لا يجوز أن يكون من الكتاب على وجه من الوجوه ، لإطلاق النفي بأنه ليست من الكتاب كله ، لا يجوز أن يكون من عند الله ، لإطلاق النفي بأنه ليس من عند الله».
(٢) من (ط).