وبحصول الترك عند إرادة الفعل إذا كان لا مانع له عن المراد. أمر لا يجوزه عاقل أصلا.
فثبت بهذه الوجوه : أنه متى حصل الرجحان ، لزم القول بالوجوب. وذلك يبطل ما ذكروه من الاحتمال.
وبالله التوفيق
البرهان الثاني على ما ذكرناه
أن نقول :
لا شك أن كل موجود. فهو إما أن يكون واجب الوجود لذاته ، أو لا يكون. والقسم الأول هو الله ـ سبحانه ـ والقسم الثاني هو كل ما سواه. وهذا القسم تكون حقيقته [قابلة للعدم ، وقابلة للوجود. أما كونها قابلة للعدم ، فلأن حقيقته (١)] إن لم تكن قابلة للعدم ، كان [واجب (٢)] الوجود لذاته. وكنا قد فرضنا : أنه ليس كذلك. هذا خلف.
وأما كونها قابلة للوجود. فلأنا فرضناها موجودة.
ولو لم تكن تلك الحقائق قابلة للوجود ، لما كانت موجودة. فثبت : أن كل ما سوى الله سبحانه ، فإن حقيقته قابلة للعدم ، وقابلة للوجود. وكل ما كان كذلك ، فهو مفتقر إلى المؤثر. فكل ممكن ، فهو مفتقر إلى المؤثر. والشيء الذي يفتقر إليه كل الممكنات لا يكون ممكنا. وإلا لكان ذلك الممكن مفتقرا إلى [نفسه (٣)] فثبت : أن جميع الممكنات مستندة في سلسلة الحاجة والافتقار إلى واجب الوجود.
[ولا شك أن أفعال العباد ، قسم من أقسام الممكنات ، فوجب القطع
__________________
(١) من (ط ، ل).
(٢) من (ط).
(٣) من (ط ، ل).