النوع الخامس عشر للقوم
قوله تعالى : (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ ، وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ) (١)
ووجه الاستدلال : إنه تعالى احتج عليهم بالتمكن والإقدار ، والعمر الطويل ، والمهلة في أوقات التكليف ، وإزاحة الأعذار ببعثة الرسل. فلو كان الإيمان والتذكر موقوفين على خلق الله ، لكان لهم أن يقولوا : آلهتنا قد فعلت فينا الكفر ، والعدول عن طاعتك ، وكنا عاجزين عن دفع ما خلقت ، ولم تخلق فينا الإيمان. ولو خلقت الإيمان فينا لكنا مؤمنين بك. قالوا : فكيف يعقل أن يحتج الله سبحانه عليهم بما لا حجة له فيه ، مع أنه قال : (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) (٢)؟ وليس لهم أن يقولوا : المناظرة مع الله لا تجوز. لأن هذا الكلام قد سبق جوابه.
والجواب : إن كل ذلك مشكل عليهم ، بما أن حصول الفعل موقوف على خلق [القدرة و (٣)] الداعي وذلك يوجب الجبر ، ويشكل أيضا. بما أن خلاف معلوم الله محال الوقوع.
__________________
(١) سورة فاطر ، آية : ٣٧.
(٢) سورة الأنعام ، آية : ١٤٩.
(٣) زيادة.