[فلا تظالموا. يا عبادي (١)] إنكم الذين تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا ، ولا أبالي. فاستغفروني أغفر لكم. يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم. يا عبادي كلكم عاري إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم [كانوا على أتقى قلب رجل واحد لم يزد ذلك شيئا. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم (٢)] اجتمعوا في صعيد واحد. فسألوني فأعطيت كل إنسان منه ما يسألني ، لم ينقص ذلك من ملكي شيئا. إلا كما ينقص البحر أن يغمس فيه المخيط ، يا عبادي هذه أعمالكم أحفظها عليكم. فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك ، فلا يلومن إلا نفسه».
قالت المعتزلة : هذا الخبر يؤكد مذهبنا من وجوه :
الأول : إنه تعالى قال : «إني حرمت الظلم على نفسي» وهذا يدل على أنه تعالى قادر على الظلم. إذ لو لم يقدر على الظلم ، لما قال : «إني حرمته على نفسي» لأنه يجري مجرى ما إذا قال : إني حرمت على نفسي أن أجمع بين النقيضين ، ومعلوم أنه ركيك.
الثاني : إنه تعالى لما بين أنه حرم الظلم على نفسه ، أوجب على العباد أن لا يظلم بعضهم بعضا. ولو كان تعالى هو الذي يخلق الظلم فيهم ، لكان ظالما. وأيضا : فكيف يقول لهم : لا تظالموا مع أنه تعالى هو الذي يخلق ذلك الظلم فيهم؟.
والثالث : قوله : «إنكم تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب. ولا أبالي» فلو كان حصول ذلك الخطأ بخلق الله وإيجاده ، كما أن الغفران منه ، لم يكن في هذا التفضيل والتميز فائدة. وأيضا : فإذا خلق الخطأ غيره فهو تعالى إنما غفر للعبد بسبب فعل ما فعله العبد ، وتصريح النص يبطل ذلك.
الرابع : إنه تعالى قال في آخر هذا الحديث : «هذه أعمالكم أحفظها
__________________
(١) من (م ، ل).
(٢) من (م ، ل).