يتصور تصورا آخر يوجب ضد مقتضى التصور الأول. إلا أن على هذا التقدير لا يبقى التصور الأول [تصورا (١)] لكون ذلك الشيء نافعا. وأما إن كان ذلك التصور ضارا ، حصلت النفرة. شاء الإنسان ، أو أبى. إلا إذا حصل التعارض المذكور. وحينئذ لا يبقى اعتقاد كونه ضارا. وإن لم يحصل ، لا اعتقاد كونه نافعا ، ولا اعتقاد كونه ضارا. فحينئذ لا يحصل الطلب ولا الهرب.
ثم بينا : أنه إذا حصل الطلب الجازم ، والميل التام ، ترتب عليه إجماع جازم. على أن لا بد من إيجاده. وإذا حصلت النفرة التامة ، ترتب عليه إجماع جازم. على أنه لا بد من تركه. وإذا حصل هذا الإجماع التام الجازم ، حصل الفعل لا محالة. فثبت : أن ترتب كل واحد من هذه المراتب على ما قبله : ترتب ضروري.
وليس لأحد أن يقول : الواقع بقدرة العبد هو تحصيل التصور ، الذي هو المبدأ الأول. لأنا نقول : هذا باطل من وجهين :
الأول : إنا سنقيم الدلالة على أنه لا يمكن أن يقع شيء من المعلوم والتصورات بقدرة العبد.
[الثاني (٢) :] إن ذلك التصور (٣) الذي حصل بفعل العبد ، حصل في تكوينه تلك المراتب الأربعة [المذكورة (٤)] فانتهت إلى تصور آخر. فإن كان ذلك أيضا بفعله ، لزم إما التسلسل وإما الدور. وهما باطلان. ولما بطل ذلك ، ثبت انتهاء هذه التصورات إلى تصور (٥) أول ، هو المبدأ للأفعال الاختيارية ، لذلك الحيوان. وثبت : أن حصول ذلك التصور ليس باختيار العبد ، بل هو حاصل في قلبه ، على سبيل الاضطرار. ثم إذا حصل ذلك
__________________
(١) سقط (ط).
(٢) من (ط ، ل).
(٣) التصورات حصل ... الخ (ط).
(٤) من (ط ، ل).
(٥) إلى من تصور (ط).