الإيمان ، كان الحاصل في الأزل هو العلم بعدم الإيمان.
فهذا فرض علم بدلا عن علم آخر ، لا (١) أنه ينقلب جهلا.
فهذان الجوابان هما اللذان عليهما اعتماد المعتزلة. والله أعلم.
والجواب : أما الوجوه التي استدلوا بها على أن علم الله بعدم الإيمان ، وإخباره عن عدم الإيمان : لا يمنع من وجود الإيمان.
فالجواب عنها من وجهين :
الأول : إن الدليل الذي ذكرناه في كونه مانعا منه وهو دليل تلك المقدمات : صحيح. أما التركيب فكيف يقدح ما ذكرتموه في صحته؟ وبيانه : وهو أنا قلنا : إن العلم بعدم الإيمان ، لا يحصل إلا عند عدم الإيمان. فهذه مقدمة بديهية. لأن شرط العلم : أن يكون مطابقا للمعلوم. فالعلم بعدم الإيمان ، لا يكون علما ، إلا إذا كان مطابقا. ولا (٢) يكون إلا إذا حصل عدم الإيمان. فثبت : أن العلم بعدم الإيمان ، لا يحصل إلا عند عدم الإيمان. ثم نقول : لو حصل وجود الإيمان مع العلم بعدم الإيمان ، لزم اجتماع النقيضين ، وهذا كلام ، لا مجال للعقل في أن يتشكك فيه. وإذا كان الأمر كما ذكرنا ، لم تكن الوجوه التي ذكروها قادحة في صحة هذا الكلام البتة.
والوجه الثاني : أن نجيب عن كل واحد من تلك الوجوه ، على التفصيل :
أما السؤال الأول : وهو قوله : «يلزم أن لا يقدر الله تعالى على شيء أصلا» قلنا : لا نسلم. وذلك لأن الله تعالى إنما يعلم وقوع ذلك الممكن ، لو كان هو في نفسه واقعا. لأن العلم يتبع المعلوم ، ووقوع ذلك الممكن. لا بد
__________________
(١) لأنه [الأصل].
(٢) وأن (م ، ل).