وتكذيبه. فهذا هو الذي قلناه. وزعمنا : أن هذا الأمر في الحقيقة : أمر بالمحال ، الذي لا يمكن إيقاعه.
وأما السؤال الخامس : وهو قوله : «الإيمان في نفسه من الجائزات (١) فلو صار محالا بسبب العلم : يكون (٢) الشيء الواحد : ممكنا محالا» فجوابه : إنه لا امتناع في كون الشيء الواحد : جائزا لذاته ، ممتنعا لسبب منفصل. ألا ترى أن الممكن : ممكن لذاته ، واجب عند حضور علة وجوده ، ممتنع عند عدم سبب وجوده. فكذا هاهنا.
وأما بقية الوجوه : فهي شبهات (٣) يذكرونها في أن الأمر بالمحال ، لا يجوز. لكنا بينا : أن هذا المعنى واقع. لأنه يخلق الدواعي إلى الكفر في حق الكافر ، ثم يأمره بالإيمان. وما ذاك إلا تكليف ما لا يطاق.
وأما الوجوه السمعية التي عولوا عليها : فهي قابلة للتأويل. وما ذكرناه من الدلائل لا يقبل التأويل. فكان الترجيح من جانبنا.
قلنا : جوابهم الأول. وهو قولهم : «خطأ قول من يقول : إن وقوع ما علم الله أنه لا يقع : يدل على انقلاب علم الله جهلا ، وخطأ قول من يقول : إنه لا يدل» : فضعيف. وذلك لأنهم إن أرادوا أن كلا النقيضين باطل في نفس الأمر. فهذا لا يقوله عاقل. وإن أرادوا به أن أحدهما حق ، ولكن لا ينطقون به [ولا يتلفظون به (٤)] فهذا مسلم. إلا أن إلزامنا غير مبني على نطقهم ، ولا على لفظهم وعبارتهم. فإنا لما بينا أنه تعالى إذا علم أنه لا يؤمن. فلو آمن ذلك الشخص. فإن على هذا التقدير ، لم يكن علمه مطابقا للمعلوم. ولا معنى للجهل إلا هذا. فثبت منه : أنه يلزم انقلاب علم الله جهلا. ولما كان هذا محالا ، وجب أن يكون ذلك محالا لأن المؤدي إلى المحال محال
__________________
(١) الجائز (م).
(٢) كون (ط).
(٣) شهادة (م).
(٤) سقط (ط).