ذلك الفاعل قادرا [لذاته (١)] لكان كل جسم كذلك. ضرورة أن الأجسام متماثلة» لكنا لا نسلم أن ذلك الفاعل يجب أن يكون جسما. وذلك لأن الفلاسفة يثبتون موجودات ليست متحيزة [ولا حالة في المتحيز (٢)] كالعقول والنفوس الفلكية ، والنفوس الناطقة. فما لم تقيموا الدلالة على فساد هذا التقسيم ، لا ندرك الجزم بأن ذلك الفاعل ، يجب أن يكون جسما.
والمتكلمون ما ذكروا في ابطال هذا القسم كلاما يصلح أن يلتفت إليه بل نقول : [لم (٣)] لا يجوز أن تكون النفس الناطقة التي لهذا الشيء ، هي التي أحدثت هذا المعجز. وما كانت نفسه مخالفة لسائر النفوس في الماهية ، لم يلزم من قدرته على تلك الأفعال قدرة غيره عليها؟.
وبالجملة : فهذا الاحتمال لا يندفع إلا باقامة الدلالة على أن كل ما سوى الله تعالى ، فهو إما متحيز ، أو حال فيه.
سلمنا : أن ذلك الفاعل يجب أن يكون جسما. فلم قلتم : إن الأجسام كلها متماثلة؟ وما الدلالة على ذلك؟ وتقريره : إن المعلوم : هو أن الأجسام متساوية في وجوب الحصول في الحيز ، وفي كونها بحيث يمنع غيرها عن أن يحصل بحيث هو ، وفي كونها قابلة للأعراض. إلا أن ذلك إشارة إلى الأحكام واللوازم. وقد ثبت : أن الأشياء المختلفة في الماهيات ، لا يمتنع اشتراكها في لازم واحد. فلم قلتم : إن جميع الأجسام [بأسرها (٤)] متساوية في ماهياتها. حتى يتم لكم ما ذكرتم؟ سلمنا : أن الأجسام بأسرها متساوية في تمام الماهية. لكن لم قلتم : «إن الأفراد المتساوية في تمام الماهية ، يجب أن يصح على كل واحد منها ما يصح على الآخر؟» بيانه : وهو أن تلك الأفراد ، وإن كانت متساوية في الماهية ، لكنها مختلفة في التشخّص والتعين. وإلا لكان كل واحد عين الآخر. وحينئذ لا يبقى التعدد. وإذا كان كذلك ، فلم لا يجوز أن يكون
__________________
(١) من (م ، ل).
(٢) من (ل).
(٣) سقط (ط).
(٤) سقط (ل).