من أجزاء كثيرة موجودة بالفعل.
أما عند من يثبت الجوهر الفرد ، فلا شك فيه. وأما عند من ينكره ، فلا شك أنه معترف بأن مجموع البدن ، مؤلف من الأعضاء البسيطة ـ أعني العظام والغضاريف والأعصاب والعضلات والرباطات ، إلى [غير (١)] ذلك من الأعضاء البسيطة ـ فإذا حرك الانسان بدنه ، فلا معنى لهذا التحريك إلا أنه حرك مجموع تلك الأجزاء ، لكنا نعلم بالضرورة [أنه (٢)] البتة غير عالم بأعداد تلك الأعضاء. وأيضا : فلا شك أنه لما حرك بدنه ، فقد نقل تلك الجثة من حيز إلى حيز ، ومر بما بين الطرفين ، مع أنه غير عالم بأعداد تلك الأحياز فلا يمكنه [أن يعلم (٣)] ما بين مبدأ تلك الحركة إلى منتهاها. وأيضا : فلا شك أن تلك الحركة وقعت في مقدار معين من الزمان ، وذلك القدر المعين من الزمان ، مركب من آنات متتالية متعاقبة. وهو البتة لا يعلم مقدار الزمان ، ولا عدد الآنات ، التي منها تركب [ذلك (٤)] الزمان. فثبت بما ذكرنا : أن من انتقل من مكان إلى مكان ، فهو لم [يعلم (٥)] أن الأجزاء التي حركها. كم هي؟ والأحياز التي منها تألفت تلك المسافة التي فيها وقعت الحركة. كم هي؟ والآنات التي منها تألف الزمان ، الذي هو طرف لتلك الحركة. كم هي؟ فثبت : أن العبد غير عالم بتفاصيل أفعاله البتة.
الثالث : إن الإنسان إذا تحرك. فلا شك أن حركته أبطأ من حركة الفلك. وللناس في هذا البطء مذهبان :
أحدهما : مذهب المتكلمين : وهو أن الحركة البطيئة [نشأت (٦)] عن كونه متحركا في بعض الأحياز ، وساكنا في بعضها ، فامتزجت تلك الحركات ،
__________________
(١) سقط (ل).
(٢) من (ط ، ل).
(٣) زيادة.
(٤) (ط ، ل).
(٥) من (م ، ل).
(٦) زيادة.